للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك فأرى وألفت النظر مرة ثانية خاصة ونصوص القرآن كما نعرفها، النصوص في الأدلة الشرعية سواء من كتاب أو سنة اختلفت في درجات الوضوح، ففي الوضوح: تبتدىء بالظاهر وأعلاها النص ثم المفسر ثم المحكم الذي لا مجال للاختلاف فيه، وكذلك دون الوضوح تبتدىء بالخفي ثم بالمجمل في الخفاء ثم المشترك وثم أخيراً المتشابه، وهنا مجال عندئذ للرأي ولكل قدرته على التفكير، فإذا اختلفنا في قضايا الاجتهاد فلنسجلها، وليكن بإذن من سيدي الرئيس وإخوانه وإخواننا وزملائنا هنا، فليكن صدرنا واسعاً على أن نسجل فيما كان من قبيل الاجتهاد بكل تقدير لمن يقول برأي يخالف الرأي وهو قطعاً يعتمد على علة، والإيمان والحمد لله قوي في جميع الحاضرين وعلمهم واسع. فنحن نحسن الظن فيهم ولكن ما أخذ برأي أخذ بعلة والعلة لا تكون قطعية ما لم يكن منصوصاً عليها، كما قال الأئمة: الأحكام المبنية على العلة لا تكون العلة فيها قطعية، ولذلك يختلف فيها.

أقول قولي هذا وأستغفر الله وأعتذر إليهم لأنني أصغرهم وأقلهم بضاعة في هذا الموضوع، وأشكر الرئيس بأن سمح لي بأن أتكلم لأني كنت أريد أن لا أتكلم، خاصة وقد سمعت ما هو من وجهة نظري وما هو من غير وجهة نظري، ولذلك كنت مكتفياً ولا أريد أن أشغل السادة المستمعين بكلماتي أيضاً وأشكركم وأعتذر إليكم والسلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ أحمد بن حمد الخليلي:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فالقضية المطروحة الآن على بساط البحث وهي قضية " إعادة العضو الذي استؤصل في حد" لا ريب أنها قضية اجتهادية، لعدم وجود النصوص التي تدل عليها، وفي الاجتهاد تراعى مقاصد الشرع كما تراعى قواعده، فاستنباط الحكم إنما يكون بالنظر إلى هذين الجانبين، ولا ريب أن الإسلام الحنيف عندما شرع الحدود على اختلافها، شرعها من أجل التطهير، تطهير الجناة، وتطهير المجتمعات، فهي تحد من الرذيلة، وتمنع من انتشارها، وهذا إنما يتم إذا كان هذا الحد يبقى أثره، فاليد عندما تقطع وتعاد إلى المقطوع منه الذي أقيم عليه الحد، نفس هذا الذي ردت له يده لا يحس بأثر نفسي كما يحس لو بقيت يده مفصولة عنه، لأنه يشعر بأنه رد إليه اعتباره بإعادة اليد اليه، والمجتمع أيضاً لا يستفيد من ذلك، ذلك أن الجناة الذين يسلكون سبيله ويعملون عمله لا يرون هذا الأثر باقياً فيه فلا ينعكس أثر هذا الحد على نفوسهم، بخلاف ما لو بقيت هذه اليد مفصولة فإن بقاءها كذلك يدع أثراً نفسياً في نفس هذا الجاني ويدع أيضاً أثراً نفسياً في نفوس الجناة المختلفين، فعلى الأقل يترددون عندما يريدون أن يقدموا على ارتكاب مثل جريمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>