للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتتمة البديعة: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} . بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاش في سنوات التشريع التي لم تتجاوز عشر سنوات وفي جزيرة العرب، والمسلمون مقدر لهم أن يمتدوا إلى مشارق الأرض ومغاربها فلا بد أن تحدث إليهم قضايا لم يأت فيها نص من كتاب ولا سنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: كيف تقضي؟ قال بما في كتاب الله، قال: فإن لم تجد، قال بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد، قال أجتهد رأيي، فضرب على صدره امتناناً وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله، فإذن من جاء بعدهم من الأئمة العظام من مختلف المذاهب وملأوا لنا هذا التراث والخزانة الإسلامية الكبيرة، في مقابل - كما قال العلماء - لا تتجاوز آيات التشريع من أصل ستة آلاف وخمسمائة آية تقريباً، لا تتجاوز آيات التشريع خمسمائة، بينما نجد هذا التراث العظيم البديع المعجز نتيجة ما أباحه لنا الإسلام من الاجتهاد أمام الأحداث والتحديات التي تأتي من وقت إلى آخر، ونحن في هذا الوقت أمامنا كثير من الأشياء، لأنه وقف الفقه منذ عصور، لا نقول وقف الاجتهاد ولكن وقف الفقه منذ عصور نعلمها ولكن نريد أن نتحدث بها ولكن الآن وقد عادت والحمد لله الدراسات الإسلامية والصحوة الإسلامية فلا بد أن نجيب المستشكل والمستفتي فيما لا نص فيه، من أن يرجع فيه إلى أمثال السادة العلماء الذين تم اختيارهم وهم مجتمعون ليجدوا حلاً، ولا يجوز في القضايا الاجتهادية كما تعلمون جميعاً أن يقول هذا رأيي الحق ورأي الآخر الباطل، مشيراً إلى قوله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} ، فهذا لا يجوز فيما بين المؤمنين في القضايا الاجتهادية، لذلك تمنيت في مذكرة، تكرمت فيها رئاسة المجلس ووزعتها، أننا لو رجعنا إلى هذه الأمور فلنحدد أولاً النص في دلالته إن كانت قطعية فعندئذ كلنا متفقون، وأما إذا لم يكن قطعياً فالباب مفتوح بنص القرآن الكريم، والرسول هو يبين ونرجع إليه ولكن ما لم يبينه مما سيأتي فيما بعد للأجيال الأخرى، حتى في عهد الرسول قال إذا لم يكن كتاب ولا سنة فقال: أجتهد رأيي.

<<  <  ج: ص:  >  >>