بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إن الذي كنت أريد أن أقوله قد ألمح إليه بعض الإخوان ويجب علي أن أؤكد وأزيد التوضيح.
الواقع أن قضية إرجاع العضو المقطوع في الحد أو في القصاص أمر من الأمور المستجدة ما كان يتحدث الناس في هذا الأمر لولا ما بدت من بوادر إمكانية تقدم الطب، وقد حصل فعلاً، وقبل أن أحضر إلى المؤتمر فقد جرت في تونس عملية إرجاع اليد في حادث شغل وكانت سريعة ويبدو أنها كللت إلى حد الأن بالنجاح، ولكن هذا تطلب - كما قال الأطباء - ظروفاً معينة، هذا في مثل هذا الأمر، طبعا نحن نستبشر للطب ولتقدم الطب، لأن الإنسان في هذه الحالة التي قطعت فيها يده في الشغل هو مالك ليده، يبقى السؤال هل في الحد أو القصاص، بعد أن تفصل يده، هل تبقى اليد من حقه أو هي من حق الحاكم يأمر بدفنها ولا يمكنه منها؟ هذا هو السؤال الأول في هذه القضية.
ثانياً: إذا اخذنا منهج التسامح واعتبرنا أن الحد يكتفى فيه بقطع اليد آنذاك ولا يستلزم الأمر الدوام والإبقاء على المحدود بدون يد، معنى ذلك أننا اعترفنا له بأن له الحق في أن يعيد يده، وإذا اعترفنا له في أن له الحق في إعادة اليد فلا بد أن نوفر له الأسباب التي تعينه على إعادة اليد، وإلا كنا اعترفنا له بالحق من جهة وسلبناه، اعترفنا بالحق قولاً وسلبناه عملاً، ومما يعينه أو مما يمكنه من إرجاع يده النظر في آلة القطع، لأن آلة القطع لا ينبغي أن تكون ملوثة لأنه لا يستطيع الطبيب أن يقول ما يخالف العلم، فلا بد أن تكون آلة القطع معقمة بدون تلوث، ولا بد أن تكون للقطع كيفية معينة حتى يستطيع بها المحدود أن يرجع اليد بأيسر الوجوه، ولا بد أن نتخير وقت القطع، الوقت الذي يوجد فيه الأطباء على ذمة الذي قطعت يده حتى لا يفوت عليه الفرصة، ثم أذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ولعلنا إذا مكنا الشخص في المجتمع الإسلامي القادر على أن ينفق على إرجاع يده فما هو ذنب الفقير الذي لا يقدر أن ينفق على إرجاع يده؟