للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وردت الإشارة إلى كلا النوعين من التطور في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففي القرآن قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [سورة الحج: الآية ٥] ؛ ففي هذه الآية بيان لمعالم التطور المادي الذي يتقلب فيه الجنين بالانتقال من صورة إلى صورة.

وقاد سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [سورة المؤمنون: الآيات ١٢ - ٤ا] ؛ وقد نقل كثير من المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من الصحابة والتابعين أن المقصود بقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ} هو نفخ الروح بعد استكمال تخليقه وتصويره (١)

وقال عز وجل: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ ونَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [سورة السجدة: الآيات ٦ - ٩ [؛ ففي هذه الآيات أيضاً إشارة إلى النوعين أيضاً.

وفي السنة أحاديث صحيحة ذكرت أطوار الجنين الجسمانية، وما يطرأ عليه من

تعلق الروح بجسده، وأشهرها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد)) (٢) ؛ ففي هذا الحديث ذكر للمعالم الرئيسية لتطور الجنين المادي المحسوس، وتحديد للزمن الذي تنفخ فيه الروح.


(١) انظر مثلاً: تفسير القرطبي ٢ ١/ ٠٩ ١، وفتح القدير للشوكاني ٤٧٧/٣، وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي ٣/ ٤٩، والتفسير الكبير للرازي ٢٣/ ٨٥، وفي ظلال القرآن ١٨/ ٢٤٥٩، تفسير الماوردي ٣/ ٩٤، مختصر تفسير ابن كثير ٢/ ٥٦١.
(٢) متفق عليه، انظر: اللؤلؤ والمرجان حديث رقم ١٦٩٥، فتح الباري ٤١٧/١١، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي لابن العربي ٣٠١/٨، صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/ ١٩٠، جامع العلوم والحكم لابن رجب ص ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>