للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزع القوانين الوضعية: القوانين الوضعية أخذت بجواز التعاقد بالطرق المشار إليها. ويهتم القانون بنقطتين هما: مسألة انعقاد العقد من حيث الزمان والمكان. والثانية: مسألة التزام الموجب بالإبقاء على إيجابه بعد أن يبعث به إلى الموجب له.

أما المسألة الأولى فقد جاء نص المادة (٤٩) من القانون المدني الكويتي، ويماشي معظم القوانين الأخرى وخاصة القانون المصري، ونصها: (يعتبر التعاقد بالمراسلة أنه قد تم في الزمان والمكان اللذين يتصل فيهما القبول بعلم الموجب ما لم يتفق على غير ذلك، أو يقضي القانون أو العرف بخلافه) . ومفاد هذه المادة أنها سرت باتجاه القانون المصري الذي أخذ بمذهب العلم. وخرج عن هذا الأصل المادة (٩٨) إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجاري أو غير ذلك من الظروف يدل على أن الموجب لم يكن ينتظر تصريحًا بالقبول فإن العقد يعتبر قد تم إذا لم يرفض الإيجاب في وقت مناسب، واعتبر السكوت قبولًا إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمحض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه.

ولتحديد مكان العقد أهمية في القانون وذلك لمعرفة القانون الواجب التطبيق على التصرفات ذات العنصر الأجنبي هل هو قانون بلد الموجب أو قانون بلد المقابل؟ ويدور ذلك مع الأخذ بأي من المذهبين، فإن أخذ بمذهب الإعلان كان القانون الواجب تطبيقه قانون بلد القابل، وإن أخذ بمذهب العلم كان القانون الواجب تطبيقه بلد الموجب.

ونشير إلى أن القوانين منها ما تأخذ بنظرية إعلان القبول، ومنها ما تأخذ بنظرية تصدير القبول، ومنها ما تأخذ بنظرية تسليم القبول، ومنها ما تأخذ بنظرية العلم بالقبول، والفقه الإسلامي، كما سبق يتفق مع النظرية الأولى وهي نظرية إعلان القبول.

وأما الصورة الثالثة، وهي التعامل عن طريق الهاتف وما شابهها كالراديو واللاسلكي وكل وسيلة تجعل متعاقدين حاضرين غائبين. وقد ذكر الشافعية مسألة قريبة الشبه من هذه الصورة وهي أن المتعاقدين لا يشترط فيهما قرب المكان ولا رؤية بعضهما لصحة العقد وانعقاده، ويسري ثبوت الخيار، وجاء في المجموع: لو تناديا وهما متباعدان وتبايعا صح البيع بلا خلاف، وأما الخيار، فقد قال إمام الحرمين يحتمل أن يقال لا خيار لهما لأن التفرق الطارئ يقطع الخيار فالمقارن يمنع ثبوته ويحتمل أن يقال ثبت ما داما في موضعهما فإذا فارق أحدهما موضعه بطل خياره. وهل يبطل خيار الآخر أم يدوم إلى أن يفارق مكانه فيه احتمالان للإمام، وقطع المتولي بأن الخيار يثبت لهما ما داما في موضعهما، فإذا فارق أحدهما موضعه ووصل إلى موضع لو كان صاحبه معه في الموضع عُدَّ تفرُّقًا حصل التفرق وسقط الخيار، ثم قال والأصح في الجملة ثبوت الخيار وأنه يحصل التفرق بمفارقة أحدهما موضعه وينقطع بذلك خيارهما جميعًا، وسواء في صورة المسألة كانا متباعدين في صحراء أو ساحة أو كانا في بيتين من دار، أو في صحن وصفة، صرح به المتولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>