العارض هو الشيخ عبد الله محمد عبد الله والمقرر هو الشيخ إبراهيم كافي دونمز.
الشيخ عبد الله محمد عبد الله:
بسم الله الرحمن الرحيم.
تقدم تسعة من الباحثين ببحوثهم في هذا الموضوع ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف: منهم من أطال وفصَّل في المقال ومنهم من أوجز ومنهم من توسط. وملخصها هو: أن التعاقد إما أن يتم بين متعاقدين حاضرين ويشترط حينئذٍ اتحاد مجلس العقد، فلا يصح الإيجاب في مجلس والقبول في آخر. ولا بد من تحقق أركان العقد والشرائط الأخرى وذلك في غير الوصية وعقود أخرى كعقد الوكالة. وإما أن يتم التعاقد بين متعاقدين غائبين لا يجمعهم مكان واحد ولا يرى أحدهم الآخر ولا يسمع كلامه وطريق الاتصال بينهما إما الكتابة وإما الرسول ويلحق بالكتابة الوسائل المستجدة كالتلغراف والتلكس والفاكس وما يستجد من ذلك. وإما أن يتم التعاقد بين متعاقدين حاضرين غائبين في آن واحد بمعنى أن يكون في مكانين متباعدين أوفي بلدين ولكن يسمع كل منهما كلام الآخر وربما يشاهده كالاتصالات التي تتم بواسطة التليفون واللاسلكي والراديو أو التلفزيون وما يستجد من وسائل. أما الصورة الأولى فليست محل البحث. وأما الثانية وهي التعاقد عن طريق الكتابة. والكاتب إما أن يكتب بنفسه وإما أن يستكتب من يكتب له، والتلغراف من هذا القبيل إذ يقوم المرسل بكتابة ما يريد ثم يقوم مكتب البريد بإرساله إلى بلد المرسل إليه، وهناك يقوم موظف بريد بكتابة ذلك على ورقة خاصة ثم يسلمها ساع إلى المرسل إليه. والتلكس يتم الاتصال فيه من خلال جهازين مرتبطين بوحدة تحكم دولي ينقل كل واحد منهم إلى الآخر المعلومات المكتوبة دون توسط شيء آخر بطرق فنية. وأما الفاكس فيتم الاتصال فيه من خلال جهازين مرتبطين بالخطوط التلفونية حيث يضع المرسِل الورقة المكتوبة في الجهاز ويضرب أرقام الجهاز الثاني فتنطبع صورة تلك الورقة على الورقة الموجودة في الجهاز الثاني لتظهر للمرسَل إليه. والفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى أنه في الصورة الأولى يتعين عدم الفصل بين الإيجاب والقبول، أما في الصورة الثانية فإنه يجوز أن يتراخى القبول عن المجلس لأن التراخي مع غيبة المشتري، مثلًا لا يدل على إعراضه عن الإيجاب بخلاف ما لو كان حاضرًا.