للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال [فقرة ٤٤] :

(أ) لقد اعتبر قانون الالتزامات والعقود – يعني المغربي – التعاقد بالهاتف كالتعاقد بين حاضرين من حيث الزمان إذ هو بعد أن نص في الفقرة الأولى من (المادة ٢٣) على أن الإيجاب الموجه لشخص حاضر.... يعتبر كأن لم يكن إذا لم يقبل على الفور من الآخر، قرر في الفقرة الثانية من المادة نفسها وجوب سريان الحكم على الإيجاب المقدم من شخص إلى آخر بطريق التليفون ذلك أن المتعاقدين بالهاتف وإن كان لا يضمها مجلس واحد وكان كل منهما بعيدًا عن الآخر (إلا أن) – تعبير عامي والفصيح أن يقال (فإن) – الحوار المتبادل بينهما يجري بصورة آنية دون فاصل زمني فباستطاعة الطرفين والحالة هذه، التأكد في برهة واحدة من تلاقي إرادتهما ومن اقتران قبول أحدهما لإيجاب الآخر وعليه أن يسوي في الحكم بين العقد المعقود بالهاتف والعقد المعقود بين أشخاص حاضرين من حيث زمان الانعقاد وأن يعتبر تبعًا لذلك أن العقد بالهاتف قد تم في الوقت الذي جرت فيه المخاطبة الهاتفية.

وهذا الرأي الذي أخذ به المشرع المغربي هو المعول عليه في فرنسا بدون نص وهو الذي أخذت به التشريعات العربية الحديثة كالقانون المدني المصري والقانون المدني السوري وقانون الموجبات والعقود اللبناني.

(ب) أما من حيث مكان انعقاد العقد بالهاتف فإن المشرع المغربي قد التزم السكوت شأنه في ذلك شأن المشرع المصري والمشرع السوري اللذين اختارا هما أيضًا أن لا يعرضا للموضوع بنص صريح.

وفي الواقع لما كان المتعاقدان بالهاتف يختلف مكان أحدهما عن الآخر فإن وضعهما وضع متعاقدين غائبين لا وضع متعاقدين حاضرين في مجلس واحد، فإن الفقه في فرنسا يميل إلى اعتبار التعاقد بالهاتف (بحكم) – كذا وصوابه: في حكم – التعاقد بين غائبين من حيث تحديد مكان العقد.

وانطلاقًا من هذا الاعتبار الحري بالتأييد وتأسيسًا على أن المشرع المغربي أقر مذهب انعقاد العقد بين الغائبين بمجرد إعلان القبول فإنه يتعين القول بأن العقد بالهاتف يعتبر منعقدًا في مكان القابل.

*

**

<<  <  ج: ص:  >  >>