للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صور القبض في المقدرات والمنقولات:

القبض له أحكام تترتب عليه كالضمان وجواز تصرف كل من المتبايعين فيما آل إليه.

وعلى ضوء ما سبق من الخلاف في اشتراط القبض الحقيقي أو الاكتفاء بالتخلية – القبض الحكمي – تتحدد كيفية القبض.

فعلى القول الأول لا بد من الكيل والوزن والذرع والعد في المقدرات والنقل في المنقولات من مكانها الذي تم التعاقد فيه إلى مكان آخر.

وعلى قول من يكتفي بالتخلية والترك بين محل البيع ومشتريه ترتب أحكام القبض عليها سواء كانت لفظية أو كتابية أو فعلية، فإذا قال اقبض، أو اكتب، أو وضع السلعة وترك بين المشتري وبينها، أو سلم المفتاح أو استمارة السيارة، أو الأوراق الخاصة بالطائرات، أو السفن، أو الأقمار الصناعية، أو العروض أو الحيوانات أو الأثاث المنزلي. . إلخ أيما ذلك حصل تم القبض ويتغير حينئذ بتغير العادات وحسب اختلاف البلدان، وفي هذا يقول القرافي: " كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة، وليس هذا تجديدًا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد، بل هذه قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد ألا ترى أنهم أجمعوا على أن المعاملات إذ أطلق فيها الثمن يحمل على غالب النقود، فإذا كانت العادة نقدًا معينًا حملنا الإطلاق عليه، فإذا انتقلت العادة إلى غيره عينا ما انتقلت العادة إليه وألغينا الأول لانتقال العادة عنه " (١) .

وجاء في الفروق " العوائد لا يجب الاشتراك فيها بين البلاد خصوصًا البعيدة الأقطار، ويكون المفتي في كل زمان يتباعد عما قبله يتفقد العرف هل هو باق أم لا، فإن وجده باقيًا أفتى به وإلا توقف عن الفتيا وهذا هو القاعدة في جميع الأحكام المبنية على العوائد كالنقود والسكك في المعاملات والمنافع والإجارات والأيمان والوصايا والنذور في الإطلاقات فتأمل ذلك فقد غفل عنه كثير من الفقهاء ووجدوا الأئمة الأول قد أفتوا بفتاوى بناء على عوائد لهم وقد زالت تلك العوائد فكانوا مخطئين خارقين للإجماع " (٢) .


(١) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: ص ٢٣١، ٢٣٤، وانظر ابن القيم، إعلام الموقعين: ٣/٥.
(٢) القرافي: ٣/١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>