رابعا: ومنها النظر للعورة فالأصل فيه المنع إلا لضرورة كعيوب الفرج، والمشهور أن المرأة تصدق في داء فرجها وفي بكارتها فيما لو ادعى الزوج أن بفرجها عيبًا أو أنه وجدها ثيبًا، وهذا قول جمهور المالكية، وخالف في ذلك سحنون وأفتى بجواز النظر معللًا ذلك بقلة أمانة النساء وبقوله: جرى العمل عند متأخري الفقهاء فللقاضي أن يمكن من يوثق بخبرتهن من القوابل أن تنظر إلى المرأة للضرورة الداعية ولا تصدق الزوجة في نفيها لما يدعيه الزوج لأنها متهمة بالدفع عن نفسها، ومثل ذلك الزوج وللمتأخرين في ذلك فتاوى متعددة متضاربة، وفي العمليات: وجاز للنسوة للفرج النظر من النساء إن دعا له ضرر، وهذا كله في الزمن الماضي، أما اليوم فقد ارتفع الإشكال بالطبيب حيث أصبح كل من الزوجين يعرض على الطبيب في كل ما يتعلق بالعيوب والأمراض.
ومنها صرف اليمين إلى الطلاق في الحلف باللازمة أو الحرام إذ صار هذا اللفظ حقيقة عرفية على الطلاق وأوجب الفقهاء فيه طلقة رجعية ولولا العرف لما لزمه شيء أو للزمه كل شيء ففي تحفة الحكام: وكل من يمينه باللازمة له الثلاث في الأصح لازمة، وقيل: بل واحدة رجعية مع جهله وعقده للنية. وقيل: بل بائنة وقيل: بل جميع الأيمان وما به عمل. وقد روى ميارة عن ابن زرب أنه أفتى بطلقة بائنة ورده ابن سهل بأن الواحدة البائنة لا تكون إلا في الحكم وقيل: إن نوى عمومًا أو خصوصا لزمه ما نواه وإن نوى مسمى عرفًا عالمًا أن منه الطلاق وهو أكثر الواقع في زماننا فطلقة واحدة وإن نوى مطلق اليمين جاهلا مسماها عرفا احتمل السقوط وكفارة يمين، وقال ابن بشير: إن قصد التعميم بثلاث وإلا فواحدة، قال القرافي في هذا اليمين: إن الفقهاء لا حظوا فيها ما غلب الحلف به في العرف وما جعل يمينًا في العادة فألزموه إياه لأنه المسمى العرفي فيقدم على المسمى اللغوي. ونقل ابن عبد السلام عن بعض المفتين أنه إذا جاء من لا يعرف مدلول هذه الكلمة قال: لا شيء عليه، قال بعضهم: وهذه الطريقة أنسب وإن نوى شيئا لزمه ما نوى وإلا لزمه طلقة والكلام في المسألة طويل وملخصه أن المشهور في المذهب هو ما في المختصر والقول بالواحدة الرجعية قال به كثير (١) ، وفي تبصرة ابن فرحون إن جرى عرف في هذه اليمين يتبادر إلى الذهن من غير قرينة عمل عليها، وإلا فما قواه أو دل عليه بساط، وإلا فلا شيء عليه، قال الحسن بن رحال: وهو كلام حسن غاية وقد تحير فيها الولوع النهاية.