شكرًا أيها السيد الرئيس، يبدو لي - بعد تقديري للعرض وللبحوث والمناقشات ولأصحابها الأفاضل - أن المسألة ذات تأسيس ثم ذات تفريغ، أما التأسيس فهو أننا نعيش اليوم في عصر غير العصور المتقدمة، في عصر صار فيه طباعة، وصار فيه نشر، وصار فيه توزيع، وصار فيه أمور تجارية وسجلات وماركات، هذا شيء لم يكن من قبل، فهذه نوازل ووقائع، ولم تكن في عهد أئمتنا السابقين رضي الله عنهم، فيجب أن نبحث فيها من جديد لا باس أن نقيس، لا بأس أن نستحسن، ولكن لا بد أن نوجد حكمًا جديدًا على ضوء الأحاديث الجديدة والإسلام بفقهه العظيم عظيم كما تعلمون أيها السادة وسط المثالية والواقعية، فلا هو واقعي كل الواقعية يتناسى المثالية، ولا هو مثالي يتحاشى الواقعية، وهذه ميزته الأولى بل خصيصته الأولى، بهذا التوازن وهذا الاعتدال ينبغي أن نفكر نحن في هذه الأمور فنفرعها إلى فرعين اثنين: فرع يختص بالأمور التجارية كالماركات والسجل التجاري وما شابه ذلك، والذي يبدو لي من معاشرتي للتجار، وكان أبو حنيفة تاجرًا وكان يدخل الأسواق، لذلك عظم فقه الماركات والسجلات التجارية والأسماء، هذه الأشياء التي نذكرها نحن الآن إنما هي ذرائع فساد، وتؤدي دائمًا إلى فساد إلا ما رحم ربك، فكم من إنسان جاهل استأجر شهادة صيدلاني، وهو لا يعرف أن يضرب حقنة في وريد، أو في عرق أو في عضل، فأمات الناس، وكم من إنسان اشترى ماركة جيدة فأفسدها، بهذا: أرى أن يكون الأصل في هذا المنع سدًا للذريعة، ولكن لا بأس أن نكون أيضًا واقعيين، فأرى أن تتكرم الأمانة العامة والرئاسة الرشيدة بالنسبة للأمور التجارية لتخصص لها مستشارين من الفقهاء الأجلاء من التجار ومن رجال القانون، أن يكون مثلًا فقيهان وأن يكون تاجران ومحاميان، إذا رأى ذلك أولو الأمر منا، جزاهم الله كل خير فيبيحوا بالضوابط والشروط ما لا يوصل إلى ذريعة فساد، هذه ناحية، أما أن نعمل نحن في الفقه والتجارة والصناعة والزراعة والصيدلة وكل شيء فلا ندعي أننا نفهم كل شيء، نحن نفهم بالفقه فقط وأصوله، ورحم الله امرءًا عرف قدره فوقف عنده ولم يتعده.
الناحية الثانية: هي قضية حقوق التأليف، حقوق التأليف لا شك أنها أمر جديد كل الجدة، ولم يكن من قبل، أنا أفهم أن التأليف مباح فيها إذا أخذ إنسان - كما تفضل بعض الأستاذة - فكرة أو أفكارًا، أو لمعت في نفسه خواطر لمعت في رأس غيره، أو استفاد حكمة أو مثلًا، أما قضية الكتابات تأليفًا وطباعة نشرًا وتوزيعًا فهذا شيء جديد، ويقاس على ما تفضل به الإخوة، يمكن قياسه على أخذ الأجر ولكن، لي هنا رأي هو أن علماء الدين الإسلامي وأنا خادمهم يجب أن يكونوا فوق الناس، أن يكونوا في مثالياتهم، في تضحيتهم، ما الفرق بين عالم الدين ورجل القانون إذا كان عالم الدين يشفط من حقوق التأليف ما يشفطه رجل القانون بل يزيد؟ إنني أمشي في خطة - واعذروني إذا تكلمت بشفط بالعامية يعني لتدركوا مدى اللهف لا سيما من كبار الأساتذة المشهورين لا مثلي المغمورين - لذلك أرى أن علماء الدين لا يجوز أن يتقاضوا على كتبهم الإسلامية شيئًا إلا هدايا، ليكونوا قدوة حسنة للناس أما إذا كتبوا في العربية، أو كتبوا في الشعر، أو كتبوا في التراجم والأعلام، أو كتبوا في أمر دنيوي، فلا مانع أن يماكسو ويبيعوا دنيا بدنيا، أما أن يبيعوا دينًا بدنيا فلا، هذا رأيي ولا ألزم به أحدًا وإني ولله الحمد ماض عليه وشكرًا.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا في الحقيقة أحب أن أركز على الاسم التجاري والشهرة، وهما في الحقيقة نقطتان، شهرة مجردة، وشهرة مضاف إليها عمل وخبرة - ما في حاجة ثالثة - الشهرة المجردة أنا في رأيي لا تباع، لأنه يدخل فيها الغرر والجهالة والوهم وربما التدليس، أما الشهرة المضاف إليها عمل وإدارة فهذه تقدر بقدرها، عندي بالنسبة لتغير أوراق النقدية أرجو أن تأذنوا لي - الورقة التي عندي - أسلمها للجنة، فيها رأيي وشكرًا.