للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ زكي الدين محمد قاسم:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرًا لكم سيدي الرئيس لإتاحة هذه الفرصة الكريمة للتحدث في هذا المجمع العظيم، وفيما علمته من مدار المناقشات، ولا شك أن السادة الباحثين والعارضين أقدر على تكييف الموضوع من حيث الوجهة الشرعية، وإن كان لا بد للمناقشات من إثراء للموضوع يضفي جوانب متعددة تحدد معالم لا بد منها عند اتخاذ القرار أو إصدار الفتوى، وفي ظني أن الموضوع فيما يتعلق بالحقوق يتشعب إلى جوانب متعددة، من هذه الحقوق ما لا يقبل النقل ولا البيع، وهو ما يجري للأسف الشديد في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية على صورة غير مشروعة من الناحية الشرعية، ولا من الناحية القانونية، كمثل حق النسب، وهو أن يبيع شخص ما اسمه لشخص آخر ليستفيد بهذا النسب لمبررات معينة قد يراها في ذاته أنها مسوغ لهذا التصرف، ومن هذه الحقوق أيضًا، حقوق الجنسية كأن يشتري شخص ما حق النسبة إلى جنسية معينة ليستفيد من هذه النسبة، ومنها أيضًا ما يجري في مجال التأليف بالذات، كأن يؤلف شخص ما كتابًا أو رسالة، ثم ينسبها إلى شخص آخر ليستفيد بها، أو ليجتر من ورائها شيئًا آخر، كشهادة أو مسوغ آخر من المسوغات المادية، فهذه ولا شك من الحقوق التي لا تقبل النقل، لأنها تعتبر من التزوير في الحقائق، لكن يأتي في هذا المجال أيضًا ما يمكن أن يكون طريقة الاستفادة المادية، لو أن مؤلفًا ما ألف كتابًا وجاء شخص ما ونقل عن المؤلف من كتابه ما نقل، ما كان في ذلك مانع ولا يجوز لأحد أن يمنعه لكن أن يسرق كتابه فينشره ويستفيد به ويتاجر فيه، فأظن أن هذه من الحقوق التي ينبغي أن تحفظ بمقومات العصر، وبمقتضى ما جرى عليه العرف، يأتي إلى جانب ذلك حقوق أخرى ترتبط بجودة المنتج ودقة الصناعة، عندما تباع هذه الحقوق في ظني أنه لا باس من بيع هذا الحق مشترط فيه شروط الجودة، وشروط المتانة التي في هذه الصناعة أو هذا المنتج الذي يباع لكن يأتي إلى جانب هذا نوع آخر من الحقوق ما يتعلق بجانب الشهرة، وهذا ما يتعلق بالعلامة التجارية ونحوها، فلا بأس من بيعها إذا ما اتخذت فيها الضمانات التي تحمي من الغش والغرر.

بقى نوع آخر في نظري من هذه الحقوق، وهو ما يعتبر كمسوغ قانوني فقط، كمثل بيع السجل التجاري، وهو أمر لا يبذل فيه البائع شيئًا أكثر مما نسميه بحقوق الوفاء وبحقوق المروءة، ولكن قوانين المجتمعات الإسلامية الآن تسمح أن تحظر إنسان ما هذا الحق، أو تعسر عليه الوصول إلى الحق، ولعلنا سمعنا من المناقشات الكثيرة من يجيزه ومن يمنعه، فلا بد له من الشروط التي تحمي في هذه الحالة المقومات الخلقية في المجتمع الإسلامي وقيمه، بالإضافة إلى تيسير حقوق المتعاملين وتيسير معاشهم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>