للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ تقى العثمانى:

بسم الله الرحمن الرحيم، شكرًا سيدى الرئيس، إنى لا أريد أن أقع في تكرار لما قيل من قبلى في موضوع التأمين، فإن موضوع التأمين فيما أظن قد غربل غربلة ونخل نخلًا في عدة مؤتمرات واجتماعات. ولكنى أريد في كلمتى الموجزة أن أعلق على بعض النقاط التى آثارها أخونا الفاضل فضيلة الشيخ التسخيرى حفظه الله. فإنه طرح لدينا بعض النقاط الجديدة وطرح لدينا عدة تخريجات فقهية للتأمين التجاري، فلابد أن ننظر فيها.

أما التخريج الأول الذى أشار إليه أخونا الشيخ التسخيرى حفظه الله فهو أننا يمكن لنا أن نخرجه عن طريق الصلح. ولكن الصلح كما يعرف الفقهاء وكما أشار إليه فضيلة سيدنا الرئيس، أنه لابد أن يكون في حق متنازع بين طرفين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الصلح لا يحل حراما ولا يحرم حلالا إلا صلحا أحل حراما وحرم حلالا)) استثنى الصلح الذى يحل حراما أو يحرم حلالا وإلا لجاز كل منكر وكل إثم باسم الصلح وجاز أخذ الرشوة وقلنا إنه يجوز من طريق الصلح.

والتخريج الثانى الذى أشار إليه فضيلة الشيخ التسخيرى، هو أن نعتبر التأمين كالهبة المعوضة. ولكن الهبة المعوضة أولا يجب أن يكون فيها عوض، وها هنا ليس شيء يعتبر عوضا، والعوض وإن كان فهو على خطر. ثم ثانية، الهبة المعوضة كما صرح به الفقهاء تكون في حكم البيع في سائر الأحكام، فهل يجوز بيع النقود بنقود أكثر منها نسيئة وعلى خطر. تكون الهبة المعوضة في حكم بيع النقود بالنقود المؤجلة وهى على خطر فلا يصلح أن نقول إنها هبة معوضة. أما ما تفضل به أن العوض هو الأمان، فإن الأمان هو شيء عدمي لا يصلح أن يكون عوضا ولا يصلح أن نعتبره عوضا ماليا. أما إذا كان العوض هو المبلغ الذي يحصل عليه في المستقبل عند وقوع الخطر فهذا شيء لا نستيقن به فهو على خطر وهو غرر.

والشيء الثالث الذى أشار إليه الشيخ التسخيرى حفظه الله، هو أن بعض الغرر يكون في المضاربة. ولكن المعروف في كتب الفقه وعند الفقهاء أن الغرر إنما يحدث إذا استوفى فريق واحد كل ما يستحقه بالعقد، ويكون حق الآخر على خطر، كبيع الطير في الهواء، فإن البائع يحصل على ثمن والمشترى على خطر لا يدرى أيحصل على الطير أم لا؟ وأن في المضاربة لا يحصل ذلك، فإنه إذا ربحت المضاربة ربح كلا الطرفين، وإذا خسرت المضاربة خسر كلا الفريقين، فليس هناك غرر في المضاربة.

هذه التخريجات التى ذكرها أخونا الشيخ التسخيرى حفظه الله لا أرى أنها تبرر عقد التأمين من وجهة نظر الشريعة والفقه الإسلامى، والسلام عليكم ورحمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>