للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا، أن بعد هذا حرمت الشريعة أيضا على أن تكون اللحمة بين الأمة الإسلامية لا يدخل ما يوجب نزاعا، وكل عقد أوجب نزاعا فهو محرم. ومن هنا جاء تحريم الغرر. ففي عقد الضامن هذا، أولا تعويض جماعة على امتصاص بدون بذل مجهود ثم فيه ما يمكن أن يكون منه تنازع بين الضامن والمضمون وعدم رضا المضمون على الضامن لأنه أخذ ماله ولم يعطه شيئا. فهذه بعد تأملي في القضية هو مفهوم عقد الضمان أو عقد التأمين. هذا هو مفهوم جرت عليه الأمة الإسلامية، واضح وما وجد فيه خلاف ولا يمكن لفقيه أن يخالف فيه. ثم نمنا على أثقالنا وخرجت التجارة العالمية من أيدينا وفرض علينا واقع. فاليوم الحذاء الذى ألبسه والقميص الذى ألبسه كله قد دفع فيه الضمان لشركات التأمين شئت أو أبيت. وأن هذا التأمين سيتواصل شئنا أم أبينا. فالحاجة إذن هو أنه لا يمكن لو فرضنا أن مؤتمرنا الموقر هذا قال: التأمين حرام، أبطلوا التأمين يا عباد الله، فهل يبطل التأمين ولو استمع الينا الناس ولو استعمت الينا الحكومات ولو استمع الينا رجال الاقتصاد، لما استطاعوا أن يمونوا الأسواق ولو بمليم واحد. فإذن هناك حاجة أساسية اليوم هو وضع العالم الإسلامى لا يمكنه أن يجرى اقتصاده إلا بإعطاء طريقة لهذه الحاجة أولًا، ثانيًا هو النظر في الأمرين اللذين ابتدأت منهما، كيف نجعل تأمينا يكون هذا التأمين من ناحية لا يوجب خصاما وليس فيه امتصاص. وفقت الشركات التعاونية وقامت بالتجربة فعلا، فما علينا إلا أن نشجع هذه الشركات، ثم أن في البلدان التى لا يوجد فيها ندعو إلى ايجاد هذا. ولابد من إعطاء حل للواقع، وإلا نكون قد أغمضنا عيوننا عن الواقع ولم نعط للبشر حلا. وأيسر الحلول، وهو أن هذا المعروف القديم حرام فهو حرام، هذا ليس حلا، وما جمعنا لهذا، ولو كان الغرض من اجتماعنا هو هذا الأمر لو كان هذا الغرض لكان نفقات زائدة ولكان مؤتمرا زائدا ولكانت أتعابنا زائدة. لأن كل واحد منا إذا أخذ الأحكام الأصلية ونظر فيها يعطى حكمه واضحا، فتقدير المصلحة وتقدير الحاجة الاجتماعية أعتقدها ضرورية. وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>