وأورد أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الدعاء الآتي:((اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء)) فقيل له "وما جهد البلاء يا رسول الله؟ قال:((قلة المال وكثرة العيال)) . ومما يذكر عن الإمام أبي حنيفة أنه كان يوصي تلميذه أبا يوسف بما يلي "لا تتزوج إلا بعد أن تعلم أنك تقدر على القيام بجميع حوائج المرأة، وإياك أن تشغل بالنساء قبل تحصيل العلم فيضيع وقتك ويجتمع عليك الولد ويكثر عيالك، فإن كثرة العيال تشوش البال". ثم قال شيخ المبارك: ولا خير في كثرة النسل مع ضعف في الأجسام والنفوس والعقول والأخلاق فقد عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثرة مع الضعف والخور والتفكك حين قال: ((توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها)) .
وفسر الدكتور حسين أتاي معنى تنظيم الحياة العائلية بأنه الحصول على الأولاد الأصحاء والأقوياء وليس الحصول على الكثرة منهم لمجرد الكثرة، وأشار إلى أن الظروف لها أحكام، وأن الإجماع يمكن أن يعاد النظر فيه حسب الظروف، وأن أي قرار يتخذ الآن لا يجوز أن يكون ملزمًا في المستقبل لأن الظروف قد تتغير.
وكرر هذه الفكرة الدكتور لطفي دوغان الذي قال" الأسرة لا تكون في حالة حسنة إذا عاشت في بؤس وشقاء، مع كثرة الأولاد وعدم القدرة المالية، فعليها أن ترسم وتخطط لتحديد عدد الأولاد قدر الاستطاعة. كما فسر الحديث النبوي "تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" بأن فيه إشارة إلى كثرة الأولاد، ولكن الغاية منه هي أن تربي ولدًا صالحًا، مؤمنا بالله ورسوله، قويًا بعقله وبدنه، والكثرة هي الكثرة الصالحة. وهذا ما قاله الشيخ إبراهيم الدسوقي مرعي بأن الكثرة هي بالكيف لا بالكم.