وأردف السيد محمد النابلي يقول "إن الدين في الوقت الذي حث فيه على كثرة النسل إنماء للأمة وتكوينًا لقوتها، قضي بصيانة هذه الكثرة من الضعف، ومن أن تكون غثاء كغثاء السيل".
وقال عن السبيل إلى الكثرة القوية أن "السبيل إلى هذا هو تنظيم النسل تنظيمًا يحفظ له قوته ونشاطه ويحفظ للأمة قوتها. والتنظيم في النسل على أساس منع الحمل مشروع في كتاب "نهاية المحتاج" للإمام شمس الدين الرملي الشافعي".
ثم قال السيد محمد النابلي "إن تنظيم النسل لتحقيق مصلحة الأفراد ولرفع مستوى الحياة للفرد وللمجتمع لا يمكن أن يكون فيه ما يتعارض مع الدين لأن تلك الأهداف هي أصلًا أهداف دينية أيضًا ويرى الإمام الغزالي أن منع الولد مباح ولا كراهة فيه؛ لأن النهي إنما يكون بنص أو قياس عليه وترك الزواج أصلًا أو ترك المخالطة الجنسية بعد الزواج أو ترك التلقيح بعد المخالطة فكل ذلك مباح".
ثم ذكر السيد النابلي إن إباحة التنظيم مشار إليها في القرآن الكريم فقد روي عن الإمام الشافعي أنه فسر قوله تعالى "فإن خفتم ألا تعدلوا فوحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" سورة النساء ٣ بأن القصد "ألا تعدلوا" هو أن لا تكثروا من عيالكم وهو ما وافق عليه الفخر الرازي، وهذا دليل على أن تنظيم النسل بحيث لا يكثر، داخل ضمنًا في معنى هذه الآية، كما أن إباحة التنظيم موجودة في قول الإمام علي رضي الله عنه "قلة العيال أحد اليسارين وكثرة العيال أحد الفقرين" ثم أورد السيد محمد النابلي بعد ذلك أقوال الأئمة والفقهاء في العزل وفي إباحته كما ذكر خطبة عمرو بن العاص في يوم الجمعة التي قال فيها "إياكم وخلالا أربعًا، فإنها تدعوا إلى التعب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى الذل بعد العز.. إياكم وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال والقيل والقال".
وذكر الشيخ محمد المبارك عبد الله بأن الإسلام أقر التنظيم في أول العهد وذلك بتنظيم فترات الحمل وبالسماح بالعزل، وقال إنه لا فائدة من الحمل إذا كان في ذلك إضرار بالوالد أو الوالدة أو الأمة أو المجتمع، وأورد في الحض على عدم التكثير من النسل قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليأتين على الناس زمان يغبط فيه الرجل لخفة الحال كما يغبط اليوم أبو العشرة".