للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- والفقيه الثاني من رؤوس المحرمين العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي، فقيه عصره ومفتى الديار المصرية:

أصدر هذا العالم رسالة سماها (أحكام السكورتاه) من استنباطه تقع في قرابة ثلاث عشرة صفحة من القطع المتوسط طبعت في مطبعة النيل سنة ١٩٠٦ ثم طبعت بعد ذلك مرة أخرى؛ وخلاصة القول فيها؛ أن بعض علماء سلانيك كتب إليه يسأله:

(عن المسلم يضع ماله تحت ضمانة أهل "قومبانية" تسمى "قومبانية السوكورتاه" أصحابها مسلمون أو ذميون أو مستأمنون. ويدفع لهم في نظير ذلك مبلغا معينا من الدراهم. حتى إذا هلك ماله الذي وضعه تحت ضمانهم يضمنونه له بمبلغ مقرر بينهم من الدراهم. فهل له أن يضمنهم ماله المذكور إذا هلك؟ وهل يحل له أخذ دارهمهم إذا ضمنوا؟ وهل يشترط كل أخذه تلك الدراهم أن يكون العقد والأخذ في غير دار الإسلام؟ أو يكفى أن يكون العقد في غير دار الإسلام؟ وإن كان الأخذ في دار الإسلام؟ وهل يحل لأحد الشركاء أن يباشر العقد عن الجميع ويأخذ البدل بغير دار الإسلام ثم يعطي الباقين حصصهم؟ وقال المستفتي: وإن هذا مما عمت به البلوى في دياره. وانه راجع كتب المذهب فلم يجد بها شيئا يطمئن به) ..

فأجاب المفتى المطيعي رحمه الله؛ بما خلاصته:

(إن هذا العقد ليس بملزم لأحد طرفيه، فالمال الملتزم بدفعه للقومبانية دفعه غير لازم، ولمن دفعه أن يسترده، لأنه دفع ما لا يلزمه على ظن انه يلزمه؛ ولا يلزم أهل القومبانية الضمانة، لأنه التزام معلق على هلاك المال، وتارة يهلك وتارة لا يهلك ولا نعرف متى يهلك لو سلمنا بالهلاك، فهو عقد معلق على الخطر وما فيه من معاني القمار) . واستدل إليه بأن ضمان الأموال إما بطريق الكفالة أو بطريق التعدي أو الإتلاف: وليس عقد التأمين بواحد من هذه الثلاثة وليس بمفاد بمضاربة أيضا ثم قال:

١- (إن كان العقد وأخذ البدل في دار الإسلام: لا يحل الأخذ ويكون المأخوذ مالا خبيثا.

٢- وإن كان العقد والأخذ في غير دار الإسلام؛ حل الأخذ وكان المأخوذ مالا طيبا لمن أخذه.

٣- وإن كان العقد في غير دار الإسلام والأخذ فيها لا يحل أخذ البدل.

٤- وإن كان العقد في دار الإسلام والأخذ في غيرها حرم إجراء العقد ومباشرته، ولكن مع ذلك يحل أخذ بدل المال الهالك متى كان الأخذ في غير دار الإسلام وبرضاهم) .

وقال (إنه لا يضر متي كان الأخذ حلالا لا يضر بعد ذلك أن يعود به إلي دار الإسلام أو يبعث إليها) (١) .


(١) رسالة أحكام السيكورتاه؛ مواضع متعددة ...

<<  <  ج: ص:  >  >>