وقصد ابن عابدين في تعليقه (بأن التزام ما لا يلزم) أي الؤمن الذي أسماه (صاحب السوكرة) قد التزم بعقدها أن يوضح للتاجر عند هلاك ماله تعويضا عنه لا يلزمه الشرع بدفعه، فلا يجوز أخذه منه بناء على ما بينه قبلا منه أنه لا يجوز أن يؤخذ من المستأمن في دار الإسلام ما لا يلزمه أداؤه وإن جرت به العادة كالعوائد التي تؤخذ من زوار بيت المقدس آنئذ.
وهذا هو المبني الذي علل به ابن عابدين بعدم جواز تعويض التأمين من المؤمن بناء على أن المؤمن قد التزم بهذا العقد ما لا يلزمه، فهو كالوديع أو المستعير أو المستأجر إذا اشترط عليهما في العقد ضمان قيمة الوديعة أو العارية أو العين المأجورة إذا هلكت بلا تعد ولا تقصير فمثل هذا الشرط في قواعد المذهب الحنفي لا يلزمهم بشيء فلا يجوز أخذ هذا الضمان منهم.
ثم أورد (١) ابن عابدين رحمه الله على عدم الجواز مسألتين منصوصا عليهما في المذهب قد يشعر قياس كل منهما بالجواز وهما:
١- مسألة الوديع بأجر حيث يضمن الوديعة إذا هلكت.
٢- مسألة ضمان خطر الطريق التي ينص عليها فقهاء الحنفية في كتاب الكفالة:
(وهى ما لو قال لآخر "اسلك هذا الطريق فإنه آمن، وإن أخذ فيه مالك فأنا ضامن" حيث يضمن القائل ما يصيب مال السالك في هذا الطريق) .
ويعلل فقهاء المذهب بأن هذا القول تغرير من القائل مع التعهد فيضمن للمغرر به. وكذلك أجاب ابن عابدين عن دلالة هذه المسألة الثانية (مسألة ضمان خطر الطريق) بأن بينها وبين قضية السوكرة فرقا لا يصح من قياسها عليها.
(١) حاشية المختار على الدر المختار للعلامة ابن عابدين ج٣ ص٢٤٩ وما بعدها