-إن الأسر المسلمة اليوم في هذا العصر تعيش مذبذبة بين أصالة حضارتها الإسلامية، التي طمس صفاءها الجهل بها والتغاضي عنها، وبين زيف حضارة قائمة في بلاد الغرب بناها أهلها على مادية جامحة، لها بريقها ولها مغرياتها فتهافت الأغرار على نارها تهافت الفراش.
-بين هذه وتلك تعيش الأسرة المسلمة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ترقب الهداية من الله وتبحث عن العون من أهل العلم والخير والتقى لتجد سبيلها الواضحة القويمة حتى لا تتفرق بها السبل كما هو الواقع والمحسوس.
ولها في هذا المجمع الفقهي الكريم وأسرته من العلماء والباحثين الجلة خير مرشد ومعين خصوصا حين يحتسب عمله لله تعالى راجيا أن ينفع به أمة الإسلام متخذا شعاره من شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علمه القرآن إياه في قوله {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(١)
ومن المتأكد أن نشير في خاتمة هذا التقديم إلى أن موضوع تنظيم النسل وتحديده قد كان من القضايا الثانوية التي أثارها المتسرون توقيا من حمل الإماء وأثارها بعض الأزواج في حالات قليلة لأسباب عارضة، أما الزوجات فقلما كان الأمر يعنيهن أو يفكرن فيه بحكم أن المرأة لا تكره أن تكون ولودا ودودا ولا يعجزها تدبير بيتها وقوام أمره في حدود نفقات الزوج وقدرته، أما السلطة السياسية فقد تخلت عن هذه القضية لنظر السلطة القضائية باعتبار أنها من الأحوال الشخصية شأنها شأن الزواج والطلاق والإيلاء وغيرها.
لكن تغير واقع الحياة عما كان عليه فصار أمر النسل في يومنا هذا موضع عناية المرأة باعتبار أنها خرجت من البيت لتعمل خارجه وصارت تكره أن تكون ولودا ودودا وتعجز عن تدبير البيت وقوام أمره إلا بمال وفير فخرجت تسعى لهذا المال وتروم سد الحاجة فلم تصل إلى سدها ولن تصل.
كما صار موضع عناية فائقة من السلطة السياسية، فنادى البعض بتكثير النسل لمجابهة عدد آخر من الأعداد، وعد المتواني في الإنجاب متوانيا في خدمة وطنه، وهو بالتالي لا يبعد كثيرا عن أرباب الخيانة الذين خانوا أوطانهم.