ومن ذلك أيضًا تحريم الربا بأنواعه وتحريم عقود الغرر والمخاطرة والإثراء على حساب الآخرين وحتى الاعتداء بالرائحة الكريهة في المجتمعات والأندية وخاصة المساجد. قال عليه الصلاة والسلام:((من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذينا بريح الثوم)) .
ومن هذا أيضًا حق الحجر على السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم وإنفاقه في أوجهه الصالحة. فهم وإن كان من حقهم التصرف في خالص ما يملكون , فإنه من حق الجماعة أيضًا ومن حق الأمة أن تراقب تصرف أفرادها وطرق صرف أموالهم حتى لا يحيدوا بها عن طريق الصلاح والمنفعة والخير لفائدتهم ولفائدة مجتمعهم , كل ذلك اعتمادًا على قوله سبحانه:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} النساء: ٤
وقد عارض الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في عموم هذه القاعدة اعتمادًا على حرية التصرف في الأموال والاستقلال الذاتي , إلا أنه لا يخالف في عدة فروع يتجسم فيها الضرر بالمجموعة , فيحجر على الرشيد تصرفه فيها.
والإمام أبو حنيفة يبسط رأيه هذا , ويقدم بين يديه أدلته وأسانيده التي اعتمدها وأخذ بها , وذلك منذ ثلاثة عشر قرنًا (٨٠ – ١٥٠) بينما نرى فقهاء القانون العصري عند تعرضهم لهذه النظرية ينسبونها إلى فقيه فرنسي معاصر هو الفقيه بلانيول الذي يقول: إن التعسف في استعمال الحق هو خروج عن الحق وهذا ينتهي حيث يبدأ التعسف , وأن العمل الواحد لا يصح أن يكون في وقت واحد متفقًا مع القانون ومخالفًا له.