القول في تأويل قوله تعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يعني جل ثناؤه بقوله: {وَأَحْسِنُوا} أحسنوا أيها المؤمنون في أداء ما ألزمتكم من فرائضي وتجنبوا ما أمرتكم بتجنبه من معاص، ومن الإنفاق في سبيلي، وعود القوي منكم على الضعيف في الخلة؛ فإني أحب المحسنين في ذلك، كما حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا زيد بن الحباب قال: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق، عن رجل من الصحابة في قوله:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال: أداء الفرائض. وقال بعضهم: معناه أحسنوا الظن بالله. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال: أحسنوا الظن بالله ببركم، وقال آخرون: أحسنوا بالعود على المحتاج. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(عودوا على من ليس في يده شيء) .
النتيجة العامَّة لهذا البحث:
(كل هذا يدلنا على أنه تفسير الآيتين الكريمتين يَمْنَعُ أن يقتل الإنسان نفسه، ويمنع أن يُعَرِّض الإنسان نفسه للهلاك في كل الأحوال، وفي جميع الحالات سوى في حالة واحدة، بضوابط محددة، وهي حالة اقتحام الواحد على الجيش العظيم، عالِماً أن اقتحامه يُحقق مصلحة الدين ومنفعة جميع المسلمين، وفي غير ذلك يكون ممنوعاً إلقاء النفس في التهلكة، حتى ولو كان إيثاراً؛ لأن الإيثار إنما يكون بالمباحات، ولا يكون بالمحرمات، والله أعلم.