للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني عشر

أثر رضا المقطوع عضوه

على درء العقوبة عن القاطع

أثر رضا المقطوع عضوه

على درء العقوبة عن القاطع

- إذا رضي الشخص بأن يقطع منه عضو من أعضائه، أو تزهق روحه، فهل هذا الرضا يؤثر في درء عقوبة القصاص على من باشر قطع هذا العضو أو أزهق هذه الروح؟

لقد اختلف الفقهاء في موجب هذا العمل إلى رأيين:

الرأي الأول: يرى الحنفية (غير الإمام زفر) والشافعية أنه لا قصاص على الجاني في هذه الحالة؛ لأنه لما أذن له في قتله أو قطع عضو من أعضائه فقد تمكنت في عصمة دمه شبهة الإباحة، والشبهة في باب القصاص لها حكم الحقيقة.

وإذا قيل بسقوط القصاص فالأظهر عند الشافعية أنه لا تجب الدية، وهو رواية عن أبي حنيفة وقول لأبي يوسف ومحمد لوجود الإذن بقتله، (أو قطعه) ويرى أبو حنيفة في رواية صححها عند فقهاء المذهب أنه تجب الدية في القتل، ولا تجب في القطع، وفي رواية عند الشافعية: تجب الدية في القتل والقطع؛ وذلك لأن القصاص قد سقط لوجود الشبهة، والشبهة تمنعه، ولكنها لا تمنع وجوب المال، فتجب الدية عمن باشر القتل أو القطع.

الرأي الثاني: يرى المالكية، والإمام زفر من الحنفية، والزيدية والظاهرية وجوب القصاص على الجاني ولا عبرة برضا المجني عليه؛ لأن الحق بعد الموت انتقل إلى ورثة المجني عليه ... ولأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((على المرء السمع والطاعة فيما أحب أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة)) وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الطاعة في المعروف)) فإذا أمره بقتله أو قطع عضو من أعضائه لا يحل له أن يفعل، وإن فعل اقتص منه في النفس عندهم جميعاً، وإن كانت الجناية على ما دون النفس، أي: على عضو من أعضائه، اقتص منه عند الزيدية والظاهرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>