وقال النووي رحمه الله تعالى أيضا:" ولا يجوز أن يقطع ـ أي الآدمي ـ لنفسه من معصوم غيره بلا خلاف، وليس للغير أن يقطع من أعضائه شيئاً ليدفعه إلى المضطر بلا خلاف ". اهـ.
لكن هذا الوجه من الاستدلال في حرمة التمثيل على حرمة النقل والتعويض والتشريح فيه نظر لما يلي: وهو أن الأمور بمقاصدها، فالتمثيل المحرم هو المبني على التشفي والحقد والانتقام والإيذاء، لهذا جاز القصاص في النفس وما دونها " العين بالعين، والسن بالسن، والبادي أظلم " ولم يعد مثلة محرمة فتلحق بالتمثيل المحرم، بل هذا عين العدل، لأنه مبني على العقوبة بالمثل.
وهكذا يمكن أن يقال في التشريح لجثة الميت لكشف الجريمة مثلاً لمصلحته، ومصلحة وارثه، ومصلحة أمن الجماعة.
وهكذا في النقل والتعويض الإنساني، فهذا والله أعلم يعد من باب الإحسان والإيثار.
فالصورة في قلع العين كما ترى واحدة، والنتيجة الحكمية مختلفة، فقلع العين كفصل القرنيتين مثلة محرمة وقلع القرنية من العين لمصلحة حي لا يحتسب مثلة بل يحتسب إحساناً، وقلع العين قصاصاً يعتبر عدلاً، والله أعلم.
ي- رعاية حرمة المسلم ميتاً كرعاية حرمته حياً.
وقد جاءت النصوص بتحريم كسر عظم الميت والنهي عن إيذائه، والنهي عن وطء قبره..
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي)) رواه أبو داود وابن ماجة، والدارقطني ولفظه:((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)) .
ورواه ابن أبي شيبة بلفظ:((أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته)) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر)) . رواه مسلم والأربعة.