للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآية: تشمل ما ذكر، وتشمل نقل عضو من عين ونحوها، حتى ولو كان لا يضر المنقول منه مطلقاً مثل نقل شعر من آدمي لوصله في رأس آخر.

وقد كان نزول هذه الآية في " فقء عين الأنعام، وشق آذانها" والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، ويشهد لهذا العموم، حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله تعالى)) مالي لا ألعن ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله تعالى".

وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن لي ابنة عروساً أصابتها حصبة، فتمزق شعرها أفأصله؟ فقال ((لعن الله الواصلة، والمستوصلة))

فهذا دل على أمرين:

١- أن العلاج بنقل عضو لا يجوز للوعيد المذكور، فهو مثلة.

٢- أن من أصيب بداء من ذلك لا يجوز التعالج بتعويضه من بدن إنسان آخر. وهذا تغيير لخلق الله.

ولهذا قال النووي رحمه الله تعالى في وجه الدلالة من هذه الأحاديث (١) : " إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف، سواء كان شعر رجل أو امرأة، وسواء شعر المحرم والزوج، وغيرهما بلا خلاف، لعموم الأحاديث، ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه، لكرامته، بل يدفن (٢) شعره، وظفره، وسائر أجزائه". اهـ.

وفي تفسير هذه الآية تكلم القرطبي على حرمة خصاء الآدمي ونقل عن ابن عبد البر قوله: " لا يختلف فقهاء الحجازيين، وفقهاء الكوفة، أن خصاء بني آدم لا يحل، ولا يجوز لأنه مثلة، وتغيير لخلق الله تعالى وكذلك قطع سائر أعضائهم في غير حد ولا قود". اهـ.


(١) المجموع للنووي: ٢، ص ٢٣
(٢) انظر في دفن ما تساقط من بدن الآدمي تفسير القرطبي ٢/١٠٢، المحلى: ١/١١١٨ مغني المحتاج: ١٠/ ٣٤٨ بحاشية الشربيني

<<  <  ج: ص:  >  >>