بسم الله الرحمن الرحيم.. شكرًا لفضيلة الرئيس على ما أتاحه لي من المشاركة التي قد طالت وتنوعت إلى أن ظهرت لي أن المسألة قد بقيت مختلفًا فيها، ولم نصل إلى الحل الحاسم. فمن بين نقاط الخلاف هي مسألة النماء نفسه. فالنماء كما ظهر لنا جميعًا إما أن يكون شرطًا وإما أن يكون علة، على حسب ما ظهر لنا من المناقشات. وبالنسبة لما حضر لي من القراءات في هذه المسألة، أن النماء أيضًا إلى جانب وجود القول بأنه شرط أو علة يوجد أيضًا ما هو يشبه بأنه نوع ليس بشرط ولا بعلة ولكنه نوع. هذا ظهر من تعبير الإمام النووي في المجموع لأنه قال: الأموال الزكوية إما ما هو نماء وإما ما هو مصدر للنماء، أو كما قال الماوردي في الأحكام السلطانية وكذلك القاضي أبو يعلي، فالنماء هنا كما ظهر لي أنه نوع من الأموال الزكوية. فالأموال الزكوية إما ما هو نماء وإما ما هو مصدر للنماء، فظهر لي أن النماء هنا يعني الدخل، فالأموال الزكوية إما هو الدخل على حسب التعبير الحديث وإما هو المال النامي والمال النامي نوع والنماء نفسه نوع، فالنماء ظهر لنا هو غلة المستغلات فهذا هو النماء، وأما النقود والسوائم وأموال العروض التجارية فهذه هي المال النامي فإذا رأينا إلى تقسيم الأموال الزكوية إلى هذين النوعين، إما الأموال الزكوية إما ما هو نماء، وإما ما هو مصدر للنماء. إذن فكل ما هو نماء تجب فيه زكاة أو كذلك كل ما هو مال نام أو مصدر للنماء تجب فيه الزكاة، ومهما كان الأمر فالخلاف لا يزال باقيًا. وأرى أن نخرج من هذا الخلاف بما عليه الفقهاء. في كثير من الأحيان رأينا الفقهاء إذا اختلفوا في مسألة من المسائل فإنهم يطبقون قاعدة اختيار الأنفع للفقراء. رأينا الإمام النووي في المجموع وكذلك ذكر كثيرًا في المغني لابن قدامة، فإنهم في مسألة اختلفوا فيها طبقوا أو يشيرون إلى الأخذ بما هو أنفع للفقراء. فخروجًا من الخلاف الذي نحن فيه الآن فأنا أميل إلى أن نطبق أو لا نمنع من أي جهة من الجهات تطبيق ما هو أنفع للفقراء، تطبيق ما هو أنفع للفقراء بالنسبة لمسألتنا هذه، فهو طبعًا كما ذهب إليه مقدم البحث الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي، فإن تطبيق ما هو أنفع للفقراء أيضًا يناسب كما قال فضيلة الشيخ عبد الله البسام فإن فيه مواساة للفقراء، فإن الزكاة ومن حكم تشريع الزكاة فيها مواساة للفقراء. فالأخذ بهذه القاعدة قاعدة اختيار الأنفع للفقراء يمكن أن نقيس أشياء غيرها وليس لنا أن نقف في مسألتنا هذه فقط مسألة غلة المستغلات. فكل ما هو مثل غلة المستغلات يمكن أن نطبق عليه قاعدة اختيار الأنفع للفقراء. فهناك مسائل أخرى إذا طبقنا عليها هذه المسألة نفيد المجتمع كثيرًا خصوصًا مجتمع اليوم، مجتمع المسلمين في كل مكان يحتاج إلى تطبيق ما هو الأنفع للفقراء. هذا ما أراه للخروج من هذا الخلاف، والله أعلم.