للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك شبهة قد تثار هي شبهة مقايسة الاقتصاد الإسلامي بالاقتصاد العالمي، أو ما يقوله الآخرون عن الإسلام، لقد تحدث قبلي أحد الإخوان لعله الشيخ وهبة لا أدري، أحد الإخوان الذي ألحوا على ضرورة حل المسألة من الناحية الإيمانية بمعنى أن نكون جيلًا من أجيال الإيمان، جيلًا مؤمنًا صادقًا في إيمانه، عندما نكون هذا الجيل المؤمن سنجد أنه سيكون متعاونًا وسنجد أن الناس يديرون أموالهم. النبي صلى الله عليه وسلم قد وقعت في زمنه أزمات اقتصادية كثيرة لم يوجب ضريبة تصاعدية، لم يوجب شيئًا إلا الزكاة التي أوجبها الله سبحانه وتعالى بل دعا الناس للتصدق، عندما أتاه أناس، مجتاب النمارى أكثرهم مضر، تنمر وجه النبي صلى الله عليه وسلم وخطب في الناس فحثهم على الصدقة وكل منهم يتصدق حسب جهده وحسب إيمانه. النبي صلى الله عليه وسلم يحض على الصدقات وعلى حمل المجاهدين في غزوة تبوك في شدة العسرة، ويأتي عثمان رضي الله عنه ويتصدق بما تصدق به ويأتي قبل ذلك عندما يأمر بالصدقات يقدم أبو بكر رضي الله عنه كل ماله ويقدم عمر رضوان الله عليه نصف ماله وكل يقدم حسب إيمانه وحسب جهده، لم يقل مطلقًا يجب على هؤلاء كذا، ويجب على هؤلاء كذا، الوجوب درجة ثابتة لا يمكن أن تتغير ولا أن تتبدل، تبقى بعد ذلك الأوضاع التي يفرضها الإيمان وتفرضها الأوضاع الخاصة بالمسلمين، إذن يجب أن نفرق تفريقًا واضحًا بين حكم من أحكام الله سبحانه وتعالى لا يتغير ولا يتبدل وهو حكم الزكاة وبين الأحكام التي قد تفرضها أوضاع معينة كالقرض الخراج، الخرج المعين، يعني أريد أن ليس هو الخراج بمعناه، معناه خراج الأرض وإنما هو الخراج الذي يتحدث عنه ابن العربي رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: {هَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} في قراءة نافع وسدًا في قراءة عاصم، فابن العربي يتحدث عن هذا الخرج أو عن هذا الرزق الذي يفرض على الناس أو هذه الضريبة التي تفرض وإني أكره الضريبة كثيرًا لأنها من باب {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} فهي كلمة غير لائقة بالمسلمين، هذا قد يكون في ظروف معينة وقد تكلم العلماء عنه ووضعوا له شروطًا وطالبوا من ولي الأمر أن يقسم على المنبر أن بيت المال لا يملك شيئًا وأنه لا يستطيع أن يقوم بمصالح المسلمين وحينئذ يتولى جباية هذا الخرج جمع من العلماء ليسدوا منه الحاجة، أما أن نفرض زكاة ليست منصوصة ولا منصوصًا عليها في أموال لا تتناولها الزكاة فلعمري إن هذه الدعوى يفهم منها أن في الدين نقصًا، والدين ليس بناقص وزيادة الكامل تعتبر نقصًا وأشكركم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>