.. لكن للوصول إلى الحكم الشرعي أرى أن الأمر يحتاج للنظر إلى العلاقة بين الأطراف على النحو التالي:
العلاقة بين المؤمن عليه وبين مؤسسة التأمين: فإذا كان التأمين تجاريًا فإن العلاقة هي عقد معاوضة بين الفرد والشركة، وبين الشركة والمؤسسة العلاجية لتقديم الخدمات الطبية للمستأمن وفيه غرر كبير، وبالتالي فإن هذه الصورة لا تجوز شرعًا.
وإذا كان التأمين تبادليًا فإن العلاقة بين الأفراد المستأمنين بين بعضهم البعض هي علاقة تكافل وتعاون وهو جائز شرعًا، وهو ما أقرته مجامع الفقه الإسلامي.
والعلاقة بين المستأمنين وشركة التأمين التبادلي علاقة عقدية تقوم على الإجارة أو الوكالة بأجر وهي علاقة جائزة، لكن العلاقة بين شركة التأمين التبادلي وبين الطبيب أو المؤسسة العلاجية تعتمد على كيفية احتساب الكلفة العلاجية.
فإن كانت الكيفية تقوم على أساس تقديم مبلغ مقطوع للطبيب أو الجهة العلاجية لعلاج من يأتيها من عدد محدد من المرضى المؤمن عليهم؛ فإن هذه الكيفية لا تجوز شرعًا لأن هذه العلاقة فيها الغرر الكثير، والعلاقة بين شركة التأمين والجهة العلاجية هي علاقة معاوضة.
وإن كانت الكيفية تقوم على أساس دفع التكاليف العلاجية من شركة التأمين للطبيب أو للجهة نظير علاج المؤمن عليهم؛ فإن هذه الكيفية جائزة شرعًا حيث ينتفي الغرر.
وقد عرض الدكتور محمد جبر الألفي في بحثه ملحقًا عن التأمين الصحي التعاوني المطبق في المملكة العربية السعودية، يقوم النظام على دفع التكاليف من شركة التأمين إلى الطبيب أو المستشفى. لكن لا بد من إرجاع الفائض إلى المستأمنين وتطبيق قواعد التأمين التبادلي الشرعية الأخرى.
وأحب أن أشير إلى التحايل الذي يقوم به بعض المؤمن عليهم صحيًا بإدخال غير المشمولين في التأمين الصحي بأسمائهم، أو أخذ الدواء على حسابهم، وهذا أمر لا يجوز شرعًا، وأحب أن تشير قرارات المجمع إلى هذا النوع وهذا الحكم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.