للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- عقد العلاج الطبي عقد جعالة:

أما إذا لم يكن ثم شراء أدوية (بيع) ولم يكن محل العقد خدمة (إجارة) محددة (كالحجامة) ، فإن التعاقد مع الطبيب يمكن أن يكون على البرء فيكون عندئذٍ جعالة.

قال في المعونة للقاضي عبد الوهاب (١) : (وصفة الجعل أن تكون الأجرة مقدرة والعمل غير مقدر، فمتى قدر العمل لم يكن جعلًا وصار إجارة) . ومسألتنا هذه الأجرة فيها معلومة، ولكن العمل غير معروف لأنه مرتبط بالبرء.

وقد اختلف الفقهاء في الاستطباب يكون عقد جعالة فأجازه عدد منهم.

قال ابن رشد في البيان والتحصيل (٢) :

(وقد أجاز لنا مالك علاج الطبيب إذا شارطه على شيء معلوم، فإن صح أعطاه ما سمى له، وإن لم يصح من علاجه لم يكن له شيء) .

وقال في المدونة (٣) :

(قال مالك: في الأطباء إذا استؤجروا على العلاج فإنما هو على البرء، فإن برئ فله حقه وإلا فلا شيء له) .

وقال القاضي عبد الوهاب في المعونة (٤) :

(يجوز مشارطة المعلم على تعليم الصبي القرآن على الحذاق ومشارطة الطبيب على برء العليل، لأن الضرورة تدعو إلى ذلك فجوز لأجلها إذا كان مقامه في التعليم غير معلوم وبرء العليل غير معروف المدة) . وقال في مكان آخر (٥) :

(فأما مشارطة الطبيب على برء العليل والمعلم على تعليم القرآن فتردد بين الجعل والإجارة) .

وقال في الرسالة لابن أبي زيد القيرواني (٦) :

(ولا بأس بتعليم المعلم القرآن على الحذاق ومشارطة الطبيب على البرء) .

وقال في موضع آخر (٧) :

(والاستئجار للطبيب إنما هو على البرء إلا أن يكون رجلًا لا علة به، فيستأجره على كحل وضمد أو دواء مذكور فيجوز ذلك) . فإذا علم نوع الخدمة ومقدارها كان إجارة مثل الكحل والضمد وإلا فهو جعالة يعاقده على البرء.

وذكر في حاشية الصاوي على الشرح الصغير هذه المسألة، وعدها من الإجارة فقال: (الأحوال التي تستحق فيها الأجرة بتمام العمل (كمشارطة طبيب على البرء) فلا يستحق الأجرة إلا بحصوله، فإن ترك قبل البرء فلا شيء له إلا أن يتمم غيره، فله بحساب كرائه الأول، فإن لم يجعل الأجرة على البرء فله بحساب ما عمل) .

وقال في الفواكه الدواني: (بقوله: (مشارطة الطبيب على البرء جائزة) والمعنى: أنه يجوز معاقدة الطبيب على البرء بأجرة معلومة للمتعاقدين، فإذا برئ المريض أخذهما الطبيب وإلا لم يأخذ شيئًا. واتفقا على أن جميع الدواء من عند العليل لأنه يجوز كونه من عند الطبيب على أنه إن برئ العليل يدفع الأجرة وثمن الدواء، وإن لم يبرأ يدفع قيمة الدواء فقط، وإنما لم تجز تلك الصورة لأدائها إلى اجتماع جُعل وبيع وهو لا يجوز) .


(١) ص ١١١٤.
(٢) ٨/٤٧٢.
(٣) ٩/٤٢٢.
(٤) ص ١١١٦.
(٥) ص ٤٠٥.
(٦) ص ٢١٩.
(٧) ص ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>