كما أنه تجوز إجارة العُقَب - كما صرح الشافعية والحنابلة- كما إذا أَجَّرَ دابةً رجلًا ليركبها بعض الطريق المحدد، بأجرة هي كذا، ويركبها المؤجر أو غيره ممن يؤجرها له بعض الطريق المحدد أيضا بأجرة هي كذا، على التناوب بينهما.
ففي هذه الصورة تتناوب عقود الإجارة على محل واحد، عقدا ينتهي، وعقدا يبدأ، وهكذا حسبما نص عليه في الصيغة التي صدر بها العقد وقت انعقاده، مستوفيا كل أركانه وشرائطه الشرعية.
*كما أنه يجوز اجتماع أكثر من عقد إجارة على كل واحد في اتفاق واحد على ضوء ما سبق أن أوضحناه.
ثالثأ: اجتماع عقد البيع مع عقد الإجارة في اتفاق واحد:
إن اجتماع هذين العقدين في اتفاق واحد يختلف الحكم فيه باختلاف ما إذا كانت صيغة عقد البيع منجزة، أو مضافة إلى زمن مستقبل، ونوضح حكم كل فيما يلي:
أ- صيغة البيع منجزة:
أجاز بعض الفقهاء اجتماع عقد البيع مع عقد الإجارة، كما سبق أن أوضحناه فيما تقدم.
ففي مسألتنا هذه إذا قال الشريك الذي يملك ثلاثة أرباع العين المشتركة بينهما لشريكه الذي يملك الربع فقط: بعتك ربع هذه العين بكذا، وأجرتك نصفها الباقي لمدة سنة ١٤٢٢ هـ بكذا صح البيع وصحت الإجارة، إذ البيع منجز، والإجارة منجزة، وقد أصبحت المنفعة المملوكة للمستأجر نصفها له بالملك ونصفها له بالإجارة.
(ولو أنه سار في السنوات القادمة على هذا المنوال، بأن باع في نهاية عقد الإجارة جزءا مما يملكه من هذه العين بثمن معين، وأجره الباقي حتى انتهى الأمر إلى تحول الملكية من الشريك المؤجر إلى الشريك المستأجر، وأجره الباقي لما كان في هذا المنهج أي محظور شرعي ما دام كل عقد قد استوفى جميع أركانه وشرائطه الشرعية وقت انعقاده.
والملاحظ هنا أنه لم يقترن بهذا النوع من التعاقد وعد، لا من الراغب في البيع بالبيع، ولا من الراغب في الشراء بالشراء، ولا مواعدة بينهما بذلك، ولا كان عقد البيع مضافا إلى أجل، ولا معلقا على شرط، بل صدر العقد منجزا في الوقت الذي ارتضيا إبرامه فيه.