للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقد فرق المالكية في حكم المواعدة بين ما لا يصح وقوعه في الحال، وبين ما يصح وقوعه، أما الأولى (وهو ما لا يصح وقوعه في الحال) فقد منعوا المواعدة به، فمن أصول مالك منع المواعدة فيما لا يصح وقوعه في الحال سدا للذريعة، ومن ثم منع مالك المواعدة على النكاح في العدة، والمواعدة على بيع الطعام قبل قبضه، وعلى البيع وقت نداء الجمعة، وعلى بيع ما ليس عندك (١) . أما المواعدة على الصرف ففيها ثلاثة أقوال، أحدهما: الجواز، والثاني: المنع، وهو المشهور، والثالث: الكراهة، وشهرت أيضا لجواز الصرف في الحال، وشبهت بعقد فيه تأخير (٢) .

ووضح الونشريسي الفرق في الحكم بين الصرف، وبين المواعدة على النكاح في العدة وبيع الطعام قبل قبضه بحيث منع فيهما، وبين المواعدة على الصرف حيث وردت فيه ثلاثة آراء (الجواز- المنع- الكراهة) أنه إنما منع فيهما لأن إبرام العقد محرم فيهما، فجعلت المواعدة حريما له، وليس إبرام العقد في الصرف بمحرم، فتجعل المواعدة حريما له (٣) . ومعلوم لنا أن حريم الشيء يأخذ حكمه.

ونص المواق على أن المواعدة على الصرف تكره، فإن وقع ذلك، وتم الصرف بينهما على المواعدة لم يفسخ عند ابن القاسم، وقال أصبغ: يفسخ (٤)

وفي مسألتنا هنا الموعود ببيعه قائم وموجود ومملوك له ومقبوض، والمبيع أيضا جائز العقد عليه، فليس محرما، ولا حريما لمحرم.


(١) (مواهب الجليل: ٣ /٤١٣، وأحكام القرآن، لابن العربي: ١ /٢١٥)
(٢) (إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، للونشريسي، ص ٢٧٨؛ والخرشي وحاشية العدوي: ٥/ ٣٨)
(٣) (شرح المواق على مختصر خليل: ٤ /٣٠٩)
(٤) (نص في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (رقم: ٤٠- ٤١ (٢ /٥ و ٣/ ٥) مجلة المجمع، العدد الخامس: ٢ /٧٥٣، ٩٦٥: على أن (المواعدة- وهي التي تصدر من الطرفين- تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده)

<<  <  ج: ص:  >  >>