للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الأول: يرى أن الوعد غير ملزم قضاء في جميع الأحوال، ويستحب الوفاء به ديانة، وهو رأي الحنفية (إلا إذا كان الوعد معلقا على شرط) ، ورأي الشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وجمهور من الصحابة والتابعين، وقد استدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها: أن الوعد تفضل وإحسان، وقد قال الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] أي أنه يجوز الرجوع فيه، ولأن الوعد في معنى الهبة قبل القبض، والهبة قبل القبض يجوز الرجوع فيها، ولأن الفقهاء متفقون على أن الموعود بشيء لا يضارب بما وعد به مع الغرماء، كما في حالة التفليس (١) .


(١) (قال ابن كثير: ذهب الجمهور إلى أنه لا يجب الوفاء بالوعد مطلقا، وحملوا الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢] على أنها نزلت حين تمنوا فريضة الجهاد عليهم، فلما فرض نكل عنه بعضهم..، أو كما عبر عن ذلك ابن عباس رضي الله عنهما: (.. فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشق عليهم أمره فقال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الآية] ) . وهذا اختيار ابن جرير الطبري ... ومنهم من يقول: أنزلت في شأن القتال: يقول الرجل: قاتلت، ولم يقاتل، وطعنت، ولم يطعن، وضربت ولم يضرب، وصبرت، ولم يصبر، وقال قتادة والضحاك: نزلت توبيخا لقوم كانوا يقولون: قتلنا ضربنا طعنا وفعلنا، ولم يكونوا فعلوا ذلك ... تفسير ابن كثير: ٦/ ٦٤٣، ٦٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>