يتبين لنا مما تقدم أن الفقهاء قد اختلفوا في صحة إضافة البيع إلى زمن مستقبل، فيرى جمهور الفقهاء (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة) أنه لا يصح إضافة عقد البيع إلى زمان مستقبل، للأدلة التي أوجزناها فيما تقدم.
ويرى بعض الفقهاء صحة إضافة عقد البيع إلى زمان مستقبل، وذكرنا بعض الصور التي قد يفهم منها جوازه، ومن ذلك ما قد يفهم مما قاله الفقيه الحنفي أبو الليث، ومن الصورة التي استثناها الشافعية، وما روي عن الإمام أحمد من القول بصحة تعليق العقد على شرط، وقد أيد ابن تيمية هذه الرواية، وقال- بعد ذكره للرواية المانعة من صحة التعليق-: إنه لم يجد عن أحمد ولا عن قدماء أصحابه نصا بخلاف ذلك (أي بخلاف الرواية القائلة بالصحة) . ومعلوم لنا أنه إذا كان العقد المعلق على شرط صحيحا، بناء على هذه الرواية، والتعليق إنما يكون على أمر محتمل الوقوع، فإنه إذا أضيف العقد إلى أمر محقق الوقوع، وهو الزمن المستقبل، فإنه يكون صحيحا من باب أولى (١) .