للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

بسم الله الرحمن الرحيم

ملاحظات تنحصر في موضوع زكاة الأسهم، حيث إن هذا الموضوع هو الذي تجاذبه رأيان أو اتجاهان: أحدهما ما جري عليه المجمع وصدر في قراراته، والآخر ما تقترحه الهيئة الشرعية العالمية للزكاة، ورفعت أمره إلى المجمع لكي يكون هناك تناسق وتنظيم لهذا الأمر بشكل ليس فيه تناقض.

كنت أود أن يكون فضيلة الشيخ تقي هنا لأنه أسرع في الترجيح، ورأى أن ما جاء في قرار المجمع فيه غرابة لأنه تغير الحكم بين المعرفة بحساب الزكاة أو الجهل بها، والحقيقة أنه ليس منوطًا بهذا الجهل وإنما هو منوط بموضوع النية، لأن زكاة عروض التجارة لا بد فيها من النية، وهذه النية ينبغي أن توجد عند التملك، فإذا تملك سلعا وبضائع بنية المتاجرة صارت من عروض التجارة، وإذا تملكها بنية الاقتناء كانت من عروض القنية، وإذا لم تصدر له نية أو لم تتبين نيته كان مترددا بين الأمرين لم ينو التجارة فإنها أيضا لا تكون من عروض التجارة، وإذا تغيرت هذه النية من القنية إلى التجارة إلى القنية كان لهذا التغير أثره، أما إذا تغيرت من القنية إلى التجارة بعد أن تملكها بنية عروض القنية لم يكن لهذا التغير أثر. فأسهم الشركات كما هو مقرر عند الفقهاء المعاصرين تمثل موجودات الشركة، وموجودات الشركة هذه فيها سلع اشترتها إدارة الشركة بنية المتاجرة، وفيها سلع اشترتها إدارة الشركة لتكون أصول قنية (أصول ثابتة) ، وفيها أيضا موجودات اشترتها لاستغلالها. إذًا هناك أموال الشركات- يا فضيلة الشيخ تقي- ليست متمحضة كعروض تجارة، فيها عروض تجارة، وفيها عروض قنية (أصول ثابتة) ، وفيها مستغلات، وهذا تقرر عند شراء هذه السلع، فيجري التساؤل الآن: هذا الذي اشترى السهم انتقلت إليه هذه الحصة المشاعة بهذه الخلطة فهل يطلب منه أن يجدد النية الآن، أم أنه تسري عليه نية المؤسس أو الذي اشترى هذه السلع في البداية؟.

هذا تساؤل ينبغي أن نأخذه بالاعتبار لأن الأمر ليس كما جاء.. هو جاء في قرار المجمع في الصياغة التالية: (إذا لم يتمكن المساهم من معرفة حساب الزكاة فإنه يزكي ما اشتراه بنية الغلة ويزكي ريعها) ، فليس الأمر مسألة أنه عرف أو لم يعرف وأن الحكم تغير بالعلم أو بالجهل حتى نقول: إن الإنسان لا يعذر بالجهل، ولكن الأمر يختلف بطبيعة هذه الأشياء وهي الموجودات في الشركة، هذه موجودات كما أشرت هي خلطة ما بين أصول ثابتة وعروض تجارة ومستغلات، وفيها الديون والنقود، فقرار المجمع ربما لحظ هذا الأمر لأن هذه الموجودات ليست كلها محلا للتجارة، فكان المصير إلى أن ينظر إلى نية هذا الشخص عند اقتناء هذا السهم، لتسري هذه النية على تلك الموجودات، وإن كانت هذه الموجودات فيها ما هو عروض تجارة وفيها ما هو عروض قنية ومستغلات، فيكون هذا من باب التغليب، كأنه غلب الأمر الذي فيه الاحتياط للمزكي لأنه إذا لم توجد نية التجارة لم تكن هذه السلع وهذه البضائع محلا للزكاة. هذا هو الذي بدا لي أن أنبه إليه وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار، فقرار المجمع يبدو أنه سليم، لأن الأمر بيِّن، يعني ليس كل موجودات السهم والتي يمثلها السهم موجودات تجارية خاضعة للزكاة، وليست كلها معافة منها، إنما فيها هذا وذاك.

فقرار المجمع لاحظ أمر هذه النية التي ينبغي أن تتوافر في الموجودات التي تمثلها هذه الأسهم. فإذا لم نتأكد من وجود هذه النية نبقى على الأصل. الأصل أنها تعتبر غير خاضعة للزكاة، ولكن الريع (نقود) فإذن هي تزكى زكاة النقود، يأخذ ريع السهم ويضمه إلى موجوداته ويزكيه في حوله.

هذا هو التكييف الذي يبين أن قرار المجمع سليم، وإن كان في اقتراح الهيئة الشرعية العالمية للزكاة ما هو الأحوط لمصلحة الفقير، والفقهاء مختلفون إذا تردد الأمر بين ما هو أحوط للمزكي أو لمصلحة الفقير أيهما يؤخذ؟ فبعضهم يقول للمزكي، لأن الأصل أنه لا تثبت الزكاة إلا بدليل، وبعضهم يقول: إنه يرجح جانب الفقير، حرصا على مواساته ومساعدته.

والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>