في ضوء ما ذكره الفقهاء القدامى والمحدثون حول زكاة كل من المحاور الثلاثة التي دار البحث حولها، وبعد إجالة النظر فيما سلف عرضه من أقوال وآراء وبتدبر مبانيها وعللها، يترجح الأخذ بما يأتي:
المحور الأول- زكاة الزراعة ومدى جواز حسم النفقات منها:
قد وضع الشرع الحكيم معيارا واضحا في تحديد القدر الواجب من الزكاة في الزروع، وهو يخلص إلى وجوب العشر فيما أخرجته الأرض التي سقي زرعها بماء السماء أو بماء جار وما شاكلهما بدون مؤونة من صاحب الأرض، وهذا بشرط أن يبلغ الخارج نصابه المحدد وهو مقدار خمسة أوسق عند جمهور الفقهاء. أما الأرض التي سقي- زرعها بالآلات ووسائل تكلف المزارع مؤونة ذات بال، فالقدر الواجب من الزكاة في هذه الحالة هو نصف العشر.
ثم اختلف الفقهاء في تطبيق هذا الضابط في مسائل، ولكن الذي يظهر من كلام الجمهور بوجه عام هو أن يؤخذ العشر فيما لو لم تكن المؤونة باهظة، أما لو كانت مكلفة سواء من ناحية الجهد البدني أو النفقة المبذولة، فيكتفى بأخذ نصف العشر، وفي حالة التردد في تحقيق نسبة المؤونة التي لها تأثير في تحديد أحد المقدارين، يحسن استصحاب الأصل من باب الاحتياط، وهو أخذ العشر. ومن خلال استعراض المسائل تبين من اتجاه أكثر العلماء أن النفقة المعتادة على العمالة وغيرها لا يجوز طرحها من الناتج الإجمالي.