٢- هل تختلف نفقات الري بالوسائل القديمة عنها بالوسائل الحديثة الباهظة التكاليف:
إنه ليس بخاف أن تطوير الزراعة في الظروف الراهنة قد احتاج إلى استنزاف القدرة المالية الكبيرة من المزارعين، فأصبحت الزراعة مكلفة على الرغم من كثرة التسهيلات المتاحة لكبار المزارعين بوجه خاص. ويضاف إلى ذلك أن الآلات المركبة في المزارع من المضخات وغيرها قد تصاب بالاهتراء على مدار العام، وربما تحتاج إلى نفقات في الترميم. ولكن هل يعني ذلك أن تطرح نفقات الري من الوعاء الزكوي؟ وفي الواقع إن الخراج بالضمان، بمعنى أن الإنتاج الزراعي الحاصل بسبب استخدام الوسائل الحديثة للري يدر من الربح ما لا يتوقع الحصول عليه في حالة استخدام الوسائل القديمة، ومقتضى ذلك أن النفقات المترتبة على استعمال تلك الأدوات المبنية على التقانة المعاصرة، جاءت في مقابلة زيادة المحصول الزراعي، وبذلك لا يتغير الحكم بسبب اختلاف الوسائل، فلا يجوز حسم التكلفة الناشئة منها. وذلك لأن نفقات الري مأخوذة في الاعتبار بصريح الضابط الشرعي، بحيث ينزل العشر إلى نصف العشر بسبب المؤنة المجحفة في الري.
وقد دل كلام العلامة الدردير فيما سبق نقله على أنه لا تأثير لشراء الماء أو لإيصاله من الخارج إلى المزرعة في تنزيل العشر إلى نصف العشر، وذلك لخفة المؤنة في رأي عند المالكية، ولكن بما أن وسائل النقل في الظروف الراهنة تحتاج إلى تكلفة غير يسيرة، فلا يتجاوز مقدار الواجب في هذه الحالة أكثر من نصف العشر.