بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عند النظر في موضوع استثمار الوقف أرى لتحقيق مناط هذا البحث التفرقة بين بعض مسائله، ومن ذلك:
التفرقة بين الأوقاف القديمة الموثقة والمسجلة وفق شروط الواقفين، وهي محل رعاية من قبل إدارات ونظار الأوقاف، والأوقاف الجديدة التي تتم عبر توجيه المحسنين نحو مجالات معينة يحتاجها المجتمع من قبل إدارات الأوقاف أو الصناديق الوقفية، وهذه الجهة هي في الغالب التي تحدد شروط الوقف وطرق الاستفادة منه، وكل التفاصيل تذكر ذلك في صك الوقف. ومن هذه الشروط النص على تخصيص نسبة من رأسمال الصندوق يتجه للاستثمار فهذا النوع كما هو واضح يجب أن يكون خارج محل البحث. أما النوع الأول - الأوقاف القديمة وما في حكمها من الأوقاف الجديدة - فمنه ما هو معلوم محدد الشروط والغرض ومحدد الناظر والإدارة وغير ذلك، ومنه ما هو معلوم أنه وقف ولكن شروطه مفقودة وكذلك غرض الوقف ومجالاته، وهذا الأخير أيضا النظر فيه قد يكون ميسورا، لكن النوع الأول - محدد الشروط - والذي لم ينص على تنميته فهذا النوع هو الذي يجب أن يكون محل نظر أصحاب الفضيلة وبخاصة في بعض المسائل التالية:
أولا: النظر في بعض المسائل المستجدة في الاستبدال؛ كاستبدال أصول عينية موقوفة ذات ريع قليل بأصول مالية ذات ريع كبير ومخاطر استثمارية عالية، الأولى في أصول عينية مخاطرها قليلة وريعها قليل تستبدل بأصول مالية ريعها كبير ولكن في ذات الوقت مخاطرها عالية.
ثانيا: اقتطاع جزء من ريع الوقف، وهذا هو الشائع من أجل الاستثمار والتنمية وتحمل مخاطر ذلك مع عدم اشتراط الواقف ذلك، أي اقتطاع هذا الجزء. ثالثا: جمع الأوقاف مختلفة الغرض والمجالات - وليست المتحدة - المتحدة قد يكون أمرها هين - في وقف واحد من أجل تعظيم منفعة المستفيدين. مما سمعته من مناقشة أصحاب الفضيلة حول الإشكال في استثمار الوقف، الإشكال في استثمار الوقف - كما أتصوره - يكمن في أن الاستثمار عمل في الوقف لم يشترطه الواقف، فهل هو من قبيل مقصد الواقف المضمر أو هو من قبيل المصلحة؟ هذا هو الإشكال الذي أثاره بعض الباحثين.