للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في الاستدانة على الوقف

تفسير الاستدانة: أن يشترى للوقف شيء وليس في يده شيء من غلة الوقف ليرجع بذلك فيما يحدث من غلة الوقف.

أما إذا كان في يديه شيء من غلات الوقف واشترى له شيئاً ونقد الثمن من مال نفسه، ينبغي أن يرجع بذلك في الغلة وإن لم يكن ذلك بأمر القاضي.

وخلاصة القول: إن الاستدانة ألا يكون للوقف غلة فيحتاج إلى القرض والاستدانة.

هذا؛ والاستدانة متوقفة على إذن القاضي.. ونحصره في الاستقراض وفي الشراء بالنسيئة، إذا لم يكن للوقف ولي واحتاج إلى ما لا بد منه (١) .

التكييف الفقهي للاستدانة على الوقف: وليس معنى الاستدانة على الوقف أن يكون الدين متعلقاً برقبة العين الموقوفة كما يتعلق دين الرهن بالمرهون، والثمن بالمبيع...

- وإنما معنى الاستدانة على الوقف: أن تكون جهة الوقف مطالبة بأداء هذا الدين من غلة الوقف فحسب، أما رقبة الوقف فلا تعلق له بها.

الوجه في ذلك: أن ما يستدان للوقف ليس واجباً في الرقبة بل واجب في الغلة، فيتعلق الدين الذي استدانه القيم ومن أجل الوقف وبمحمل وجوبه وهو الغلة، ولا يتعلق بغيره وهو الرقبة ...

وقال الناطفي: إن القاضي لا يملك الاستدانة على الموقوف (٢) .

ومتى يجوز الاستدانة على الوقف؟

قال الزاهدي: وللقيم الاستدانة على الوقف لضرورة العمارة لا لتقسيم ذلك على الموقوف عليهم.

وفي القنية: الاستدانة لضرورة مصالح الوقف تجوز لو أمر الواقف، وإلا فالمختار أن يرجع القاضي ليأمر بها.

وما هي الضرورة؟

ذكر في الحاوي: يجوز للمتولي إذا احتاج الوقف إلى العمارة أن يستدين على الوقف ويصرف ذلك فيها، والأولى أن يكون بإذن الحاكم (٣) .

هذا؛ والمعتمد في المذهب: إن كان له منه بد لا يستدين مطلقاً. وإن كان لابد له: فإن كان برأي القاضي جاز، وإلا فلا.

والعمارة لا بد لها فيستدين بأمر القاضي.

وأما غير العمارة: فإن كان للصرف على المستحقين لا تجوز الاستدانة ولو بإذن القاضي، لأن له منه بدًّا.

هذا والاستدانة أعم من القرض والشراء بالنسيئة. والوقف لا ذمة له، والاستدانة من القيم للوقف لا تثبت الدين في الوقف إذ لا ذمة له، ولا يثبت الدين إلا على القيم ويرجع به إلى الوقف (٤) .


(١) ابن نجيم: ٥ / ٢٢٧.
(٢) الخانية: ٣ / ٢٩٨؛ أنفع الوسائل، ص ١٠٦؛ وجامع الفصولين: ٢/ ٢٢١.
(٣) ابن نجيم، البحر: ٥ / ٢٢٨.
(٤) الفتاوى الهندية: ٢ / ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>