للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- مدة الإجارة:

يرى الحنفية أن تكون مدة الإجارة من الوقف لا تزيد عن سنة في الدار، وثلاث سنوات في الأرض الزراعية، وأن الفتوى عندهم على إبطال الإجارة الطويلة من حيث الزمن، ذلك لإمكان أن يتضرر الوقف بطول الزمن، بل قد يؤدي إلى إبطال الوقف، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك لحاجة عمارة الوقف بتعجيل أجرته سنين مقبلة، وحينئذ يجب أن تكون في عقود مترادفة متكررة كل سنة، جاء في الفتاوى الهندية: "إذا أجر الواقف أكثر من سنة لا يجوز، وإن لم يشترط فالمختار أن يقضي بالجواز في الضياع في ثلاث سنين، إلا إذا كانت المصلحة في عدم الجواز، وفي غير الضياع يقضي بعدم الجواز إذا زاد على السنة الواحدة، إلا إذا كانت المصلحة في الجواز، وهذا شيء يختلف باختلاف المواضع والزمان، كذا في السراجية، وهو المختار للفتوى" (١) .

هذا إذا لم يكن الواقف قد اشترط مدة محددة، فإن كان قد اشترط ألا يؤجرها المتولي أكثر من سنة فيجب الالتزام بهذا الشرط ولا يجوز مخالفته إلا بحكم القاضي، لكن قاضيخان أفتى بجواز مخالفة هذا الشرط إذا كانت أنفع للفقراء والمستحقين، ولا يحتاج إلى المرافعة إلى القاضي (٢) .

ويتفق المالكية مع الحنفية في وجوب النظر إلى ما هو الأصلح للوقف من حيث المدة، لكنهم وسعوا دائرة مدة الإجارة، وفرقوا بين ما إذا كان الوقف على معينين، وناظر الوقف من الموقوف عليهم، والموقوف داراً، والمستأجر ليس ممن ترجع إليه الدار، فلا يجوز لهذا الناظر أن يؤجر الدار أكثر من سنة، وإن كان أرضاً زراعية فلا يجوز له أن يؤجرها لأكثر من ثلاث سنوات، وعلة ذلك أن الإجارة تنفسخ بموته، وأجاز جماعة من فقهائهم تأجير العقار الموقوف فترة طويلة إذا لم يكن على معينين (٣) .


(١) الفتاوى الهندية: ٢ / ٤١٩.
(٢) الفتاوى الهندية: ٢ / ٤١٩.
(٣) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ٤/ ٩٦؛ وشرح الرسالة لابن ناجي: ٢ /٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>