للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

المسن في العلوم الإنسانية

لم تعد النظرة إلى كبار السن في المجتمعات الحديثة نظرة إهمال ولا نظرة شفقة أو تصدّقٍ، بل أصبحت النظرة إلى هذه الفئة نظرة اهتمام ورعاية مثمرة.

لذلك فقد قامت الحكومات بخدمات اجتماعية ذات أهمية بالغة اعتقادًا منها بأنه إذا كانت هذه الفئة قد أسيئ إليها عن طريق العزلة والإهمال، فيمكن العمل على تغيير الماضي، وتأسيسًا فإنها ظاهرة مميزة لعصرنا الحالي تفرض على مجتمعنا التزامًا يفوق ما تم القيام به حتى الآن.

فكبر السن ورعاية المسنين يمكن أن ينظر إليهما بأكثر من زاوية، فكبر السن هو أول مرحلة من مراحل النمو وهو آخر هذه المرحلة، ولا شك أن المرء عندما يتصور نفسه في آخر مراحل العمر وقد اطمأن لظروف معيشته وسعد واستقر لمستقبل حياته، فإن ذلك سوف ينعكس على حياته ونتاجه في العمر، فليس الشعور بالسعادة والنشاط والبناء أهم من الشعور بالأمن والاستقرار والاطمئنان على مستقبل الأيام.

ومن ناحية أخرى فإن المسنين أنفسهم يعتبرون طاقة بنائهم يمكن استثمارها والاستفادة منها، وإلا فإنهم قد يصبحون عوامل هدم بدلًا من أن يكونوا عوامل بناء، فمن المعروف أن كبار السن إذا لم يشغلهم عمل يصرفون فيه جهدهم أو يقضون فيه بعضًا من أوقات فراغهم قد يصبحون عبئًا شديدًا على من حولهم حتى ولو كانوا أقوياء أشداء من الناحية الصحية، فهم ينهون ويأمرون لمجرد إشباع رغبتهم في الأمر والنهي، وهذا مقرون بشعوره عائل أسرة مثلًا كأن يصحو يوميًا للذهاب إلى العمل في ساعات معينة، ثم يقضي نهاره في محل عمله، ثم يعود إلى المنزل في ساعات معينة، ثم يقضي بقية يومه إما في عمل أو في نشاط آخر وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>