للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

الواجبات

ومؤيداتها الأدبية

* واجبات الشيوخ والمسنين.

* المؤيدات الأدبية.

المبحث الأول

واجبات الشيوخ والمسنين

تكاد تختصر هذه الواجبات كلها بواجب واحد هو رحمة الكبير بالصغير؛ فقد جاء في الأثر: (( ((ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا)) )) (١) .

فالرحمة هي التي تهيئ باب التوقير، فالكبير حين يرحم الصغير فإن الصغير يوقر الكبير، ومن لا يَرْحم لا يُرحم.

ولقد جعل الإسلام في مقابلة كل حق واجبًا، فواجبات الآباء على الأبناء البر والصلة والأدب، وواجب الأبناء على الآباء أن يرحموهم وأن يصبروا عليهم في التربية، و (( ((رحم الله والدًا أعان ابنه على بره)) )) كما في جاء في بعض الأحاديث.

كما يجب على الشيوخ والمسنين أن يكونوا قدوة حسنة لأولادهم وأحفادهم في كل شيء من مناحي الحياة، ولا سيما في علاقتهم بالله جل شأنه.

نضيف إلى ذلك الازدياد في الخير، حيث قال الله تعالى في معرض المنة على عباده: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: ٣٧] ، قال ابن عباس والمحققون: معناها: أو لم نعمركم ستين سنة؟ ويؤيده حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)) )) رواه البخاري.

قال العلماء: معناها: لم يترك له عذرًا إذ أمهله هذه المدة، ويقال: "أعذر الرجل " إذا بلغ الغاية من العذر.

وقيل: معناها - أي الآية -: ثماني عشرة سنة. وقيل: أربعين سنة، قاله الحسن والكلبي ومسروق، ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا، فقالوا: "إن أهل المدينة كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة" (٢) .

ومعلوم أن الرحمة لا تكون إلا في قلب قد وقر بالإيمان والتقوى ومحبة الخير.


(١) رواه الطبراني في الأوسط عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا، وهو عند أبي داود والبخاري في الأدب المفرد من حديث عبد الله بن عمرو بسند حسن.
(٢) انظر رياض الصالحين للإمام النووي، باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>