للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

الحقوق القانونية والقضائية

للشيوخ والمسنين في الإسلام

* سقوط الحَجْر المالي على السفيه بالسن.

* وجوب نفقة الأقرباء الكبار من غير الأصول والفروع وشروط وجوبها.

المبحث الأول

سقوط الحجر المالي

على السفيه بالسن

إن بلغ الصغير غير رشيد لا تسلّم إليه أمواله، بل يحجر عليه بسبب السفه عند الجمهور لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] .

إلا أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله ورضي عنه قال: يستمر الحجر على البالغ غير الرشيد إلى بلوغه خمسًا وعشرين سنة، ثم يسلم إليه ماله ولو لم يرشد؛ لأن في الحجر عليه بعد هذه السن إهدارًا لكرامته الإنسانية، ولقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢] .

وهذا قد بلغ أشده، ويصلح أن يكون جدًا في هذه السن؛ ولأن المنع عنه للتأديب ولا يتأدب بعدئذ غالبًا، فلا فائدة في المنع، فلزم الدفع إليه (١) .

وقال الصاحبان وباقي الأئمة: إذا بلغ الرجل غير رشيد لا يسلم له ماله ويستمر الحجر عليه حتى يؤنس رشده ولو بلغ الستين من عمره، للآية السابقة:

{فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] .

ولقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] أي أموالهم (٢) .


(١) البدائع: ٧ / ١٧١؛ وتكملة الفتح: ٧ / ٢١٦؛ تبيين الحقائق: ٥ / ١٩٥؛ واللباب: ٢ / ٦٩.
(٢) بداية المجتهد: ٢ / ٢٧٧؛ والشرح الكبير: ٢ / ٢٩٨؛ المهذب: ١ / ٢٣١؛ مغني المحتاج: ٢/ ١٦٦؛ المغني: ٤ / ٤٥٧؛ والفقه الإسلامي وأدلته: ٥ / ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>