للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الخبر فيه دليلان على براءة ذمة المضمون عنه بالضامن:

أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن امتنع من الصلاة عليه صلى عليه، فدل ذلك على براءة ذمته، ولو كان الدين باقيا لكان الامتناع قائما.

الثاني: قوله ((فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك)) . فلما أخبر بفك رهانه دل على براءة ذمته.

جـ- وما روى جابر رضي الله عنه أن النبي أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: "هل عليه دين؟ " قالوا: دينارين. فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فقال: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجب حق الغريم، وبرئ الميت منهما"، وصلى عليه. (١) .

وهذا صريح في براءة ذمة المضمون عنه بالضمان.

د- ولأنه دين واحد، فإذا صار في ذمة ثانية، برئت الأولى منه، كالمحال به، لأنه لما استحال أن يكون الجسم الواحد في محلين، استحال أن يكون الدين الواحد ثابتا في الذمتين.

هـ- قال ابن نجيم: (ومما يدل على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أنه لو ذهب الدين للكفيل صح، ويرجع الكفيل به على الأصل، مع أن هبة المدين من غير من عليه الدين لا تصح) (٢) .

ولا يخفى أن اقتضاء عقد الكفالة نقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن في اجتهاد الفقهاء الأعلام الذين ذكرتهم – كما هو الأمر في الحوالة – لا يعني أن يكيف عقد الضمان في الفقه الإسلامي على أنه حوالة، وأن تسري عليه أحكامها.


(١) رواه أبو داود وأحمد في مسنده. (بذل المجهود: (١٤/٣٠٧) ؛ مسند أحمد: (٣/٣٣٠) .
(٢) البحر الرائق: (٦/٢٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>