المثال الثالث: ما فعله محمد بن مسلمة مع عمرو بن العاص حين كان واليا على مصر بأمر من عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم جميعاً - إذ قاسمه ماله (١) .
(١) قال ابن عبد الحكم- فتوح مصر وأخبارها، ص: ١٤٦: قال: ثم بعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة كما حدثنا معاوية بن صالح، عن محمد بن سماعة الرملي، قال: حدثني عبد الله بن عبد العزيز شيخ ثقة إلى عمرو بن العاص، وكتب إليه: أما بعد، فإنكم معشر العمال قعدتم على عيون الأموال، فجبيتم الحرام، وأكلتم الحرام، وأورثتم الحرام، وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصاري ليقاسمك مالك، فأحضره مالك، والسلام فلما قدم محمد بن مسلمة الأنصاري مصر، أهدى له عمرو بن العاص هدية، فردها عليه، فغضب عمرو، وقال: يا محمد، لم رددت إلي هديتي، وقد أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمي من غزوة ذات السلاسل، فقبل، فقال له محمد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بالوحي ما شاء، ويمتنع مما شاء، ولو كانت هدية الأخ إلى أخيه، قبلتها، ولكنها هدية إمام شر خلفه، فقال عمرو: قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا، فلقد رأيت العاص بن وائل يلبس الديباج المزرر بالذهب، وإن الخطاب بن نفيل ليحمل الحطب على حمار بمكة، فقال له محمد بن مسلمة: أبوك وأبوه في النار، وعمر خير منك، ولولا اليوم الذي أصبحت تذم، لألفيت معتقلا عنزا يسرك غزرها، ويسؤك بكؤها، فقال عمرو: هي فلتة المغضب وهي عندك بأمانة، ثم أحضرهما له، فقاسمه إياه، ثم رجع.