للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونمط آخر من سقوط الحيازة، وفي هذه المرة كان سقوطها أمام قرينة أضعف منها في الظاهر، لولا أن المصلحة المرسلة والمصلحة العامة يجعلانها أقوى، تلك هي الطريقة التي عامل بها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- بعض عماله ممن اشتبه في أنهم تأثلوا مالا أثناء عملهم، ما كان ليجتمع لهم لو اقتصرت مواردهم على أرزاقهم وما يصيبون من الفئ والغنائم. ونورد ثلاثة أمثلة لهذه الطريقة.

المثال الأول: ما صنعه مع أبي هريرة - رضي الله عنه- حين استعمله على البحرين، فلما قدم عليه، اشتبه في أنه تأثل مالا قد لا يكون من حله، فصادر منه عشرة آلاف أو اثني عشر ألفا تعليق: هذا الأثر أخرج عبد الرزاق - المصنف، ج: ١١، ب: الإمام راع، ص: ٣٢٣، الأثر: ٢٠٦٥٩- طرفا صالحا منه، واللفظ له:

عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه! قال أبو هريرة: لست عدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قال: خيل لي تناتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت علي، فنظروه فوجدوه كما قال، قال: فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله، فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد طلب العمل من خير منك يوسف؟ قال: إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، أخشى ثلاثا واثنين، قال له عمر: أفلا قلت خمسا؟ قال: لا، أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حكم، ويضرب ظهري وينتزع مالي، ويشتم عرضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>