للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندنا أنه لا يقبل ممن وجد عنده أي نوع من المسكرات، أو انبعثت منه رائحة له، أن يزعم أنه متأول على مذهب العراقيين، ومن لف لفهم من أصحاب الرأي، بما حاولوا ادعاءه تأولا من الفرق بين عصير العنب وغيره، من تعلات لاستباحة الأنبذة، وما ترتب عنها من مفاسد اجتماعية لا حصر لها، كانت من اهم أسباب انهيار الخلافة العباسية، لأننا نرى أنه إذا كان لأولئك الأولين يومئذ عذر في أن حديث ((كل مسكر حرام)) ((وكل مسكر خمر وكل خمر حرام)) ((وما أسكر كثيره فقليله حرام)) لم يثبت عندهم واعتبروه آحاديا وزعموا أنهم لا يعملون بأحاديث الآحاد، ولم تتبين لهم استفاضته أو تواتره لتوزع رواته، نتيجة للفتوحات وتحكم المسافة يومئذ بين الأقطار، وفي التواصل العلمي، فإن هذا العذر لا وجود له اليوم، وقد يسر الله لنا- وله الحمد والشكر كما يحبه ويرضاه- جمع مختلف روايات الحديث النبوي الشريف، مهما تعددت أسانيدها، وتمحيص تلك الأسانيد بعيدا عن المؤثرات الشخصية والسياسية. فكان مما قامت علينا به الحجة القاطعة، أن حديث ((كل مسكر خمر وكل خمر حرام)) وما شاكله، إن لم يكن متواترا لفظا ولا معنى، فلا أقل من أنه مستفيض استفاضة ترتفع به عن أن يكون مجرد آحادي، فتنقطع الحجة بذلك حتى على من يحاول التملص من الالتزام بالسنة النبوية، بادعاء عدم حجية الحديث الآحادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>