للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- كون العوضين غير موجودين أثناء العقد هنا في عقد التوريد لا يصح حمله على الصورة التي ذكرها بعض المحدثين والفقهاء تفسيرًا لمعناه؛ فليس وجود مجرد شبه في جانب معين بين أمرين يقضي بإعطاء حكم أحدهما للآخر، على أن الفقهاء رحمهم الله توسعوا في معناه والتمثيل له تورعًا واحتياطًا، فمن ثم اختلفت آراؤهم في تحديده والتمثيل له.

يقول ابن القيم رحمه الله: " ومن سوى بين الشيئين لاشتراكهما في أمر من الأمور يلزمه أن يسوي بين كل موجودين لاشتراكهما في مسمى الوجود، وهذا من أعظم الغلط، والقياس الفاسد الذي ذمه السلف " (١) .

٢- تضمنه لبيع المعدوم المنهي عنه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك)) .

وموافقة لهذا الحديث نص الفقهاء أنه " لا يصح بيع مال لا يملكه البائع، ولا إذن له فيه لحديث حكيم بن حزام مرفوعًا: لا تبع ما ليس عندك " (٢) .

هذا الحديث قيده علماء الحديث وفقهاء الشريعة ببيع الأعيان دون البيع على الصفة والعقد الذي بصدد هذا البحث قد تم تكييفه على البيع على الصفة وفي ضوئه تم تخريجه.

يقتصر هذا البحث على النقل من ثلاثة من المحدثين الفقهاء فيما يخص هذا التقييد في معنى حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.

* الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي قائلًا: (قوله: ((لا تبع ما ليس عندك)) يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عنده في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر) (٣) .


(١) إعلام الموقعين: ٢/ ٨.
(٢) البهوتي، شرح منتهى الإرادات: ٢ / ١٤٤.
(٣) معالم السنن مع مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري، تحقيق محمد حامد الفقي، مصر: مطبعة السنة المحمدية، عام ١٣٦٨ هـ ١٩٤٩ م: ٥ / ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>