للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وقد قرر الفقهاء أن من لم يمر بأحد هذه المواقيت، بل سلك طريقًا بين ميقاتين، فإنه يتحرى ما يحاذي أحدهما من طريقه بغلبة الظن فيحرم منه، فإن لم يتبين له قال الحنفية: يهل عندئذ بالإحرام على بعد مرحلتين من مكة؛ لأن هذه المسافة هي مسافة أدنى تلك المواقيت إلى مكة.

هذا ما ذكره في الدر المختار الطبعة البولاقية مبين صفحاتها، والمقنع من كتب الحنابلة، والمغني مع الشرح الكبير، والإنصاف للمرداوي.

في ضوء ما تقدم من عرض الواقع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من تحديد ما حدده بالنص الصريح من مواقيت الإحرام، وما سكت عنه وتركه للاجتهاد من علماء الأمة، وما حدث من اعتماد المحاذاة باجتهاد عمر رضي الله عنه؛ أقول في ضوء ذلك: إن معالجة قضايا الساعة لا يصح منا أن نعالجها ونقرر لها حلولاً شرعية منطلقين من خلفية مذهبية، أو فكرة مسبقة ننظر من زاويتها إلى القضية المستجدة ونجردها من ملابساتها وظروفها الخاصة، لنجرها جرًا إلى المقعد الذي هيأناه سلفًا لها إلحاقًا وتعميمًا، سواء أكان ملائمًا لطبيعتها وظروفها وملابساتها أم غير ملائم، ولو كان هذا الإلحاق والتعميم سيزج بالمكلفين في مشقة وحرج نفتهما النصوص القطعية في الكتاب والسنة عن هذه الشريعة السمحة الخالدة. فهذا - أي معالجة الأمور بهذه الخليفة المذهبية - لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>