للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتضح مما تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحدد مواقيت مكانية إلا للقادمين برًا، وأؤكد على كلمة "برًا"، من أطراف شبه الجزيرة العربية الثلاثة، وهي الشمال والشرق والجنوب فقط؛ لأن هذه الجهات الثلاث هي التي يمكن إذ ذاك - وأقول: إذ ذاك وأؤكد عليها أيضًا - أن يأتي منها المسلمون حجاجًا أو معتمرين. وقد حدد للقادمين من الشمال ميقاتين: واحدًا لأهل المدينة ذا الحليفة، وآخر لأهل الشام الجحفة؛ لأن الشام كان فيه لأهل الحجاز رحلة الصيف التجارية، فقد يعودون من الشام قاصدين حجًا أو عمرة.

فهؤلاء عندئذ إما أن يأتوا من طريق يثرب فيتبعون ميقات أهلها، وإما أن يأتوا من طريق أخرى لا تمر بيثرب، فجعل الجحفة عندئذ ميقاتًا لهم، وهي قريب من مكة.

أما جهة الغرب فلم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم لها ميقاتًا مكانيًا؛ لأن الجهة الغربية بحر وفي الغرب منه أفريقية التي لم يصل إليها الإسلام إذ ذاك، ولا يعلم ما سيكون من أمرها إلا الله. وقد حد الفقهاء فيما بعد لأهل مصر والمغرب إذا جاءوا بطريق البحر ميقات أهل الشام وهو الجحفة؛ لأنه طريقهم الطبيعي إذ ذاك قبل شق قناة السويس في عصرنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>