للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة الثانية: أن اللفظ إذا دار بين المعهود في الشرع، وبين غيره حمل على المعهود في الشرع، لأنه ظاهر كما لو قال: إن صليت فأنتِ طالق فإنا نحمله على الصلاة الشرعية دون الدعاء، وكذلك نظائره.

القاعدة الثالث: أن من تصرف فيما يملك وفيما لا يملك نفذ تصرفه فيما يملك دون ما لا يملك، وعلى هذا فقوله إن طلقتك إما أن يحمل على اللفظ أو على المعنى الذي هو التحريم، فإن حمل على اللفظ فهو خلاف الظاهر والمعهود والشرع وهو مخالف للقاعدة الثانية، وإن حمل على التحريم، وأبقينا التعليق على صورته تعذر اجتماع الشرط مع مشروطه، فيلزم مخالفة القاعدة الأولى، فيسقط الثلاثة التي هي المشروط وما به وقع التباين، إلا أن الجمهور على إبطال هذه التوليدات المعروفة بالسريجية، قال القاضي عز الدين بن عبد السلام: هذه المسألة لا يصح فيها التقليد وإن وقع فهو فسوق، ومن هذه القواعد التي استخلصها القرافي من أنواع الشروط، استعمال المدلول العرفي للكلمة، فإذا قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) حمل على عرفه صلى الله عليه وسلم دون الدعاء.

القاعدة الرابعة: الشرط وجوابه لا يتعلقان إلا بمعدوم مستقبل؛ فإن دخلت الدار فأنت طالق، يحمل على دخول مستقبل، وطلاق لم يقع قبل التعليق إجماعا، فالمشيئة هي التي جعلت شرطًا ولابد لها من مفعول، والتقدير: إن شاء الله طلاقك فأنت طالق، فمفعولها إما أن يكون الطلاق الذي صدر منه في الحال أو طلاق في المستقبل، فإن كان الأول فنحن نقطع أن الله تعالى أراده في الأول، وهذه الشروط أسباب يلزم من وجودها الوجود، فيلزم أن تطلق في وقت الإمكان، وقبول المحل عند أول النكاح، فيكون طلاقك إن شاء الله في المستقبل (١) .

والنتيجة من هذا التحليل أن الشرط لا يتعلق إلا بأمر معدوم، مستقل عن ماهية العقد، وأن جزاءه كذلك لابد أن يكون خاضعًا لنفس الحالات والسبل التي يسلكها الشرط نفسه.


(١) انظر الذخيرة للقرافي في الصفحات التي ذكرت قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>