وقسم الشرط بحسب الواقعة التي صاحبها أو أنشئ من أجلها إلى ثلاثة أقسام هي: شرط العقل للتكليف، والثاني شرط ملاصقة النار للجسم لتحقق واقعة الحرق، والثالث الشروط الشرعية، كالطهارة في الصلاة والحول في الزكاة، والإحصان في الزنى، وهذا النوع الثالث هو الذي تهتم به دراسات فقه المعاملات، على أن تعلق الحكم الشرعي بأية واقعة يستلزم تصنيفها في أحد أوجه الخطاب الشرعي كخطاب الوضع، أو التكليف، لأن ذلك يسهل التكييف الشرعي المساعد على إصدار الحكم، وهذا النوع من الشروط يرتبط بالسبب ارتباطًا وثيقًا، وهذا يقتضي القول بأن في المسألة رأيين: الرأي الأول: ذهب أصحابه إلى أن السبب مقتضى لمسببه، فغلبوا اقتضاءه، ولم يراعوا توقفه على شرط، أما أصحاب الرأي الثاني، فقد راعوا الشرط، ورأوا بأن توقف السبب عليه مانع من وقوع مسببه، فلم يراعوا حضور السبب بمجرده بل لابد أن يحضر الشرط.
ولا شك أن هذا التلازم بين الشرط والسبب دقيق إلى درجة تحتم دراسة كل واحد منهما عند التعرض لدراسة الآخر وهي شكلية سنها علماء الشريعة الإسلامية أيضًا بقرون قبل أن يحذو حذوهم فيها علماء القانون، مع طمس آثار البحوث الإسلامية في هذا المجال، حتى لا يشد اهتمام الباحثين بأسبقيات الإسلام، فيكسبه ذلك حضورًا في مجال الساحات القانونية، ومن الأوائل الذين تعرضوا لهذه المسألة، الشاطبي فقد استعرض جملة من الوقائع التي يظهر في كل واحدة منها تداخل بين الشرط والسبب، وضرب لذلك عدة أمثلة سبقت الإشارة إليها.
هذه الحالات بينت لنا كيف يحصل سبب الواقعة حتى يكون ذلك مدعاة لوجودها ثم رأينا كيف تترتب عليها أحكام لتوفر الشرط، وأيضًا تبين لنا أن الشارع رتب الجزاء على الإخلال بالشرط، سواء تعلق بمصاحبته للأحكام التكليفية. أو الوضعية، ومثل الزكاة المتقدم صالح لتوضيح هذه التلازمات، إذ حصول النصاب سبب في وجوبها، ودوران الحول شرطه، وحرمة المال وعذاب الآخرة جزاؤه، واليمين سبب في الكفارة، والحنث شطرها، والصوم أو الإطعام جزاء الإخلال بشرطه وإصابة المقتل سبب القصاص عند العمد والموت شرطه وقتل الجاني جزاؤه، أو الدية في حالة الخطأ، ومفارقة الحياة شرطه.