للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا العقد من جهة القواعد العامة للشريعة الإسلامية عقد مرفوض ومردود بجميع صوره وأشكاله إلا أن يصحح على القاعدة العامة التي ذكرتها، ومخالف شكلاً وموضوعاً لأصول التشريع الإسلامي، وللحديث وللمعقول والمنقول، ولا يصح اعتماده إلا إذا رأى مجمعنا الموقر بفقهائه حاجة أو ضرورة، وما أرى ذلك، فحينئذ يصحح استحساناً كما صحح فقهاء الحنفية عقد الاستصناع، وكما صححت عقود أخرى بحجة استحسان الضرورة، والحاجات تنزل منزلة الضرورات في إباحة المحظورات، إن رأى مجمعنا الموقر بفقهائه الأجلاء ذلك فأنا معهم وإذا لم ير حاجة أو ضرورة فينبغي أن نرجع إلى القواعد العامة وإلا فما الداعي إلى أن نأتي بهذه العقود المستوردة التي فصلت لغيرنا وعلى مقاس غيرنا ونستوردها ونبحث عن حكم الله تعالى فيها وما هي بذاك؟ فإنها في الأصل قائمة على مقاس قانوني اقتصادي غربي لا علاقة له بنا أبداً، وحين نضطر إلى عقد مشابه لهذا فإننا لا نقول إجارة منتهية بالتمليك أو ما شاكل ذلك، نأتي إلى شريعتنا فنقول بيع بالتقسيط أو إجارة محضة، ولا مانع أن يكون بعد هذا كله وعد من المؤجر –وعد غير ملزم طبعاً- للمستأجر أن يبيعه أو أن يهبه كما تفضل فضيلة الشيخ العثماني بذلك، وهذا هو تصحيح العقد، وإلا فإن الأمر خطير، والله سبحانه وتعالى يؤاخذنا يوم القيامة {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧] ، ونعوذ بالله تعالى أن نكون من أولئك، فكلنا ولله الحمد يبتغي مرضاة الله –عز وجل- وكلنا يبتغي رضوان الله، وليس لواحد منا أبداً مصلحة في أي قول يخالف الشريعة الغراء.

لذلك فإنني أعذر كل من اتفقت معه أو اختلفت معه في الرأي لصحة النية والعقيدة وسلامة الطوية، وأن العلم بين أهله نسب، فجزى الله خيراً جميع من تفضل وأسهم في هذه الأبحاث وفي هذا العرض وفي هذه الجهود المشكورة سواء اتفقت معهم أم اختلفت معهم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وشكراً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عجيل النشمي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أعتقد أن هذا الموضوع من المواضيع الهامة، وكل مواضيع المجلس هامة، لكن هذا الموضوع في الحقيقة له تعلق مباشر بالواقع العملي، لكن أرجو أن يؤخذ بالاعتبار الخلاف الفقهي في هذا الموضوع حيث منعت بعض هيئات الفتوى العمل بالإجارة المنتهية بالتمليك، في الوقت ذاته سبق للمجمع أن أجاز هذا العقد من حيث الأصل وأجاز بعض الصور منه، وبناء على ذلك جرى العمل في كثير من المؤسسات والشركات والبنوك الإسلامية بهذا العقد مستندة في الحقيقة إلى قرارات المجمع وإلى قرارات الهيئات والندوات التي عقدت لهذا الغرض، بل نشأت شركات متخصصة في الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك، لأنه ثبت من الواقع والتطبيق أنه ليس من مصلحة الشركات والبنوك الإسلامية أن تحتفظ لمدد طويلة بأجهزة لا تعنيها كالسفن والطائرات ونحوها، بناء على هذا العقد دخلت المصارف والشركات الإسلامية وبدأت تشتري هذه المعدات، لا تملكها على الدوام، إنما تؤجرها لفترة محددة للراغب فيها ثم يتملكها وبعقد جديد، وفي هذه الفترة يقوم هو بصيانتها والمحافظة عليها، ربما القضية التي أثيرت أن بعض الشركات في الحقيقة تحمل المستأجر تبعة الهلاك الجزئي والتأمين، وهذا ما يخالف قرار المجمع في استفسارات البنك الإسلامي للتنمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>